الحمد لله.
أولا : الأولى بكم شراء ما تحتاجون إليه من اللحم من عند المسلمين ؛ فهو أحوط وأبعد عن الريب ، وفيه إعانة للمسلمين على الاستمرار في عملهم الذي تمس الحاجة إليه في بلاد الغرب ، ثم لاشك أن المسلم أولى بهذا النفع التجاري من غيره ، ويكفي أن يستشعر المسلم تجديد الرابطة الإيمانية مع إخوانه المسلمين ، كلما ترك المحلات التي يمتلكها الكفار ، وربما تكون أقرب إليه ، أو أرخص في السعر ، ليشتري من عند إخوانه في الدين . [ راجع السؤال رقم 9205 ] .
ثانيا : إذا كان الجزار غير المسلم من غير أهل الكتاب ، فإن ذبيحته لا تحل ، أما إذا من أهل الكتاب ؛ يهوديا أو نصرانيا ، فإن ذبيحته حلال .
قال ابن قدامة : ( أجمع أهل العلم على إباحة ذبائح أهل الكتاب ؛ لقول الله تعالى : ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) المائدة/5 ؛ يعني : ذبائحهم . قال البخاري : قال ابن عباس : طعامهم ذبائحهم . ) المغني 13/293 .
ثم لا نحتاج بعد ذلك إلى أن نسألهم عن الطريقة التي ذبحوا بها ؛ لأن الأصل صحة ذبحهم لصدوره من أهله . [ راجع السؤال رقم 20805 ] .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
( ثبت في صحيح البخاري [ رقم 5507 ] عن عائشة رضي الله عنها ، " أن قوما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إن قوما يأتوننا باللحم ، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟ فقال : سموا أنتم ، ثم كلوا " .
قلت [ الكلام للشيخ رحمه الله ] : وكانوا حديثي عهد بكفر ؛ يعني [ أنهم ] الآن جُدُدٌ في الإسلام ، لا يدرون هل يسمون أو لا ، فقال : سموا أنتم وكلوا ، فأباح الأكل وإن كنا لا ندري هل سمى [ الذابح ] أو لا ؛ كذلك يباح الأكل وإن كنا لا ندري هل ذبح على طريقة سليمة أو غير سليمة ؛ لأن الفعل الصادر ، إذا صدر من أهله فالأصل صحته ونفاذه إلا بدليل ، فإن جاءنا مذبوح من مسلم أو يهودي أو نصراني ، فلا نسأل عنه ولا نقول : كيف ذبح ، ولا : هل سُمِّيَ عليه أو لا ؟ فهو حلال ما لم تقم بينة على أنه حرام ؛ وهذا من تيسير الله سبحانه وتعالى .) لقاءات الباب المفتوح 1/77 باختصار .
فتبين من هذا أن شراءكم من هذا المحل ، وأكلكم من عند من يشتري منه لا حرج فيه ، ولا تحتاجون إلى سؤاله عن الطريقة التي يذبح بها ، ما لم تتيقنوا أنه يذبح بطريقة غير مشروعة ، كصعق الذبيحة حتى تموت ونحو ذلك ، وإن كان الأولى الشراء من عند المسلم كما سبق ، والله الموفق .
تعليق