الحمد لله.
المهر المؤخر يعتبر دينا للزوجة على زوجها ، فالقول في زكاته كالقول في زكاة سائر الديون ، وهذا الصداق لا يخلو من حالين :
الحالة الأولى :
إذا كانت تستطيع المطالبة به ، وكان زوجها غنيا لا يمانع من دفع المؤخر لها ، فعليها زكاته كل عام ، لأنه بمنزلة المال الذي في يدها .
الحال الثانية :
إذا كان الزوج فقيرا لا يستطيع دفعه ، أو كانت المرأة لا تستطيع المطالبة به تخشى من غضب الزوج وطلاقه لها إن طالبت به ، أو كان العرف جاريا بأن هذا المؤخر لا تستحقه المرأة إلا إذا حصلت الفرقة بينها وبين زوجها إما بالطلاق وإما بالموت ، ـ كما هو عرف الناس الآن ـ فهذا الصداق لا زكاة فيه ، لأنها لا تستطيع التصرف فيه ، فإذا قبضته فإنها تحسب له حولا من حين قبضها له . والأحوط أن تزكيه إذا قبضته لعام واحد ، ولو كان مضى عليه سنون كثيرة .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن صداق المرأة على زوجها تمر عليه السنون المتوالية لا يمكنها مطالبته به لئلا يقع بينهما فرقة ثم إنها تتعوض عن صداقها بعقار أو يدفع إليها الصداق بعد مدة من السنين ، فهل تجب زكاة السنين الماضية أم إلى أن يحول الحول من حين قبضت الصداق ؟
فأجاب : "الحمد لله هذه المسالة فيها للعلماء أقوال ... وأقرب الأقوال قول من لا يوجب فيه شيئا بحال حتى يحول عليه الحول ، أو يوجب فيه زكاة واحدة عند القبض ، فهذا القول له وجه وهذا وجه ، وهذا قول أبى حنيفة ، وهذا قول مالك وكلاهما قيل به في مذهب أحمد والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/47).
والله أعلم .
تعليق