الحمد لله.
الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يعبد الله إلا بما شرع ، وليس في الشريعة التعبد لله بالسجدة المفردة ، إلا أن تكون سجدة تلاوة أو سجدة شكر ، ولا يشرع غير هذا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2499) ومسلم (3242)، وفي لفظ له : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/565) : " لو خضع إنسان لله تعالى فتقرب بسجدة بغير سبب يقتضي سجود شكر ففيه وجهان حكاهما إمام الحرمين وغيره ( أحدهما ) : يجوز , قاله صاحب التقريب ( وأصحهما ) : لا يجوز , صححه إمام الحرمين وغيره وقطع به الشيخ أبو حامد . قال إمام الحرمين : وكان شيخي - يعني أبا محمد - يشدد في إنكار هذا السجود ، واستدلوا لهذا بالقياس على الركوع , فإنه لو تطوع بركوع مفردا كان حراما بالاتفاق ; لأنه بدعة ، وكل بدعة ضلالة إلا ما دل دليل على استثنائه , وسواء في هذا الخلاف في تحريم السجدة ما يفعل بعد صلاة وغيره " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " أنكر من هذا ما يفعله بعض الناس من أنه يسجد بعد السلام سجدة مفردة , فإن هذه بدعة , ولم ينقل عن أحد من الأئمة استحباب ذلك . والعبادات مبناها على الشرع والاتباع , لا على الهوى والابتداع ; فإن الإسلام مبني على أصلين : أن لا نعبد إلا الله وحده , وأن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا نعبده بالأهواء والبدع " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/242).
وقال ابن الحاج في "المدخل" (4/266) في إنكار السجدتين المفردتين بعد صلاة الرغائب : " الصلاة إنما يراد بها التقرب إلى الله تعالى ، والتقرب إنما يكون بالامتثال لا بالابتداع ولا بالمكروه ... والعلماء إنما أجازوا السجود المنفرد عن الصلاة في موضعين لا ثالث لهما : أحدهما : سجود التلاوة . والثاني : سجود الشكر على مذهب من يراه . وليست هاتان السجدتان منهما ; لأنه لم يرد ذلك عن السلف الماضين رضي الله عنهم " انتهى .
وليعلم أن الشيطان حريص على إيقاع العبد في البدعة ، لأمور :
منها أنه : لا يؤجر عليها .
ومنها : أنها تشغله عن فعل السنة ، مع ما فيها من الاستدراك على الشارع وكأن المبتدع هُدي إلى ما لم يهد إليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وخلاصة الجواب : أن هذه السجدة غير مشروعة ويدل على ذلك :
1- أنها بدعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل بدعة ضلالة )
2- قياساً على أنه لا يجوز التقرب إلى الله بركوع مفرد .
والله أعلم .
تعليق