الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

التفريق بين ابن أبي حاتم الرازي وفخر الدين الرازي

104443

تاريخ النشر : 03-08-2010

المشاهدات : 38317

السؤال

ما هو الفرق بين ابن أبي حاتم الرازي وفخر الدين الرازي وتفسيرهم؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب

الحمد لله.


فابن أبي حاتم هو الإمام عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الرازي نسبة إلى بلدة كبيرة يقال لها الري من بلاد الديلم في المشرق .
ولد سنة أربعين و مائتين (240) هجرية ، كان إماما من أئمة أهل السنة وله مؤلفات في الدفاع عن عقيدة أهل السنة و الذب عنها حوى علوما شتى ، وأثنى عليه الأئمة بالعلم والعبادة ، فقد كان بحرا من بحار العلم كأبيه ، رحمهما الله !
قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء (13/246) : ( كان من العبادة والزهد والورع والحفظ على جانب كبير ) .
أما تفسيره فإنه من التفاسير النافعة التي امتازت بتفسير القرآن بالسنة و آثار الصحابة والتابعين ، مع رواية ذلك عنهم بالأسانيد .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك التفسير ، غير مرة ، ضمن تفاسير أهل العلم والسنة ، الذين ينقلون أقوالهم عن السلف : " بالأسانيد المعروفة ، كتفسير ابن جريج وسعيد بن أبي عروبة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وأحمد وإسحاق ، وتفسير بقي بن مخلد وابن جرير الطبري ومحمد بن أسلم الطوسي وابن أبي حاتم وأبي بكر بن المنذر ، وغيرهم من العلماء الأكابر الذين لهم في الإسلام لسان صدق ، وتفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير " منهاج النسة (7/179) .
وقد صار تفسيره مرجعا للمفسرين بعده ؛ فابن كثير رحمه الله ينقل عنه الشيء الكثير ، وكذلك شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى ، وابن حجر العسقلاني ، والسيوطي لخص تفسير ابن أبي حاتم وضمنه في تفسيره المعروف بالدر المنثور .
توفي رحمه الله سنة سبع وعشرين وثلاثمائة (327) هجرية بمدينة الري .
أما فخر الدين الرازي فقد قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 21/500) : " العلامة الكبير ذو الفنون فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني الأصولي المفسر ، كبير الأذكياء والحكماء والمصنفين ، ولد سنة أربع وأربعين وخمس مئة ، واشتغل على أبيه الإمام ضياء الدين خطيب الري ، وانتشرت تواليفه في البلاد شرقا وغربا ، وكان يتوقد ذكاء ، وقد سقت ترجمته على الوجه في تاريخ الإسلام .
وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم ، وسحر وانحرافات عن السنة ، والله يعفو عنه ، فإنه توفي على طريقة حميدة ، والله يتولى السرائر . مات بهراة يوم عيد الفطر سنة ست وست مئة ، وله بضع وستون سنة .
وقد اعترف في آخر عمره حيث يقول : " لقد تأملت الطرق الكلامية ، والمناهج الفلسفية ، فما رأيتها تشفي عليلا ، ولا تروي غليلا ، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ؛ أقرأ في الإثبات : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) ، ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ ) ، وأقرأ في النفي : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ؛ ومن جرّب مثل تجربتي ، عرف مثل معرفتي " انتهى .
وأما تفسيره ، فمع ما فيه من الفوائد والاستنباطات ، إلا أنه تطوح مع سوانح الفكر في كل واد ، وخلطه بكثير من الأقوال التي لا تناسبه الآية التي يفسرها ، وملأه بالمسائل الكلامية والعقلية ، حتى قال الإمام أبو حيان رحمه الله : " جمع في كتابه في التفسير أشياء كثيرة طويلة ، لا حاجة بها في علم التفسير . ولذلك حكي عن بعض المتظرفين من العلماء أنه قال : فيه كل شيء إلا التفسير ؟!!" البحر المحيط ، لأبي حيان (1/511) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " ورأيت في الإكسير في علم التفسير للنجم الطوفي ما ملخصه : ما رأيت في التفاسير أجمع لغالب علم التفسير من القرطبي ومن تفسير الإمام فخر الدين ، إلا أنه كثير العيوب ؛ فحدثني شرف الدين النصيبي عن شيخه سراج الدين السرمياحي المغربي أنه صنف كتاب المآخذ في مجلدين ، بين فيهما ما في تفسير الفخر من الزيف والبهرج ، وكان ينقم عليه كثيرا ويقول : يورد شبه المخالفين في المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق ، ثم يورد مذهب أهل السنة والحق على غايةٍ من الوهاء !! "
لسان الميزان ، للحافظ ابن حجر (4/427-428) .
وقال السيوطي رحمه الله : " وصاحب العلوم العقلية ، خصوصا الإمام فخر الدين ، قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وشُبهها ، وخرج من شيء إلى شيء ، حتى يقضي الناظر العجب من عدم مطابقة المورد للآية .. " ، ثم ذكر كلام أبي حيان السابق . انظر : الإتقان في علوم القرآن (2/501) .
وانظر : التفسير والمفسرون ، للدكتور محمد حسين الذهبي ، رحمه الله (1/276-282) .
فخلاصة القول في تفسير الفخر الرازي : أنه لا ينبغي أن يعتني به إلا طالب علم متقدم ، يمكنه أن ينتفع بما فيه من فوائد، مع ترك ما قد حواه من بدع ، أو أقوال ومذاهب لا تناسب تفسير الآية التي يذكرها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب