الحمد لله.
نهنئك بهذا الشهر الكريم ، ونسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
المطلوب من المسلم أن يجمع بين مصالح الدنيا والآخرة ، فلا هو بالذي يترك الدنيا ويفسدها بحجة الإقبال على الآخرة ، ولا هو بالذي يقبل على الدنيا ويعرض عن الآخرة .
بل المقصود من الدنيا أن يتزود منها للآخرة ، فإن الدنيا ليست دار استقرار ، بل هي ممر ينتقل الإنسان منه – ولابد – إلى الآخرة .
فالمؤمن العاقل هو الذي يستعد لذلك الانتقال ، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم : (من أكيس الناس وأحزم الناس ؟ فقال : أكثرهم ذكراً للموت ، وأشدهم استعدادا له) رواه الطبراني، وحسنه المنذري في "الترغيب والتهذيب" (4/197) والهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/312) ، وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (5/194) : إسناده جيد ، وذكره الألباني في "ضعيف الترغيب" (1964) .
فلابد من الاستعداد ليوم الرحيل ، فهنالك المستقر ، نسأل الله تعالى أن يجمعنا في مستقر رحمة .
فينبغي للمسلم أن يجمع بين عمل الدنيا وعمل الآخرة ، فالإنسان يحتاج إلى السكن والمال واللباس والطعام والشراب ليحيا بدنه ، ويحتاج أيضاً إلى الإيمان الصحيح ، والصلاة والصيام وذكر الله تعالى ، وقراءة القرآن ، والإحسان إلى الناس .... إلخ ليحيا قلبه .
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) الأنفال/24 .
فالمسلم محتاج إلى قراءة القرآن في رمضان وغير رمضان .
فينبغي أن يكون له ورده اليومي من القرآن الكريم ، حتى يختم القرآن – على الأكثر – كل أربعين يوماً مرة .
وأما في رمضان فالمطلوب منه أكثر ذلك ، فإنه من أفضل مواسم الطاعات ، وقراءة القرآن ، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) البقرة/185 .
فتستطيع أن تقتطع من يومك ساعة تقرأ فيها أكثر من جزئين من القرآن الكريم فتختمه في الشهر مرتين أو ثلاثة ، ويمكنك الاستفادة من وقتك الذي تقضيه في المواصلات ، فليكن المصحف صاحبك لا يفارق يدك ، وستجد أنك ختمت القرآن عدة مرات ، في هذا الوقت القصير ، لو داومت عليه ، ويمكنك الاتفاق مع صاحب العمل على تقليل ساعات العمل ، ولو نقص الراتب في مقابل ذلك ، فإن الله سيعوضك خيراً ، ويمكنك أخذ إجازة في العشر الأواخر أو في بعضها ، المهم أنك تجتهد في الاستفادة من هذا الشهر الكريم حسب وسعك وطاقتك ، وما زالت الفرصة قائمة ، والأيام باقية ، ونسأل الله أن يستعملنا في طاعته .
وإذا لم يمكنك تقليل ساعات العمل أو أخذ إجازة عدة أيام ، فعليك بالاستفادة من وقتك قدر استطاعتك ، وإذا علم الله تعالى منك الحرص على قراءة القرآن لولا العمل فسوف يثيبك على قدر نيتك .
وفقك الله لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق