الحمد لله.
تخصيص المسلم عبادة بزمان أو مكان معين لم يرد به الشرع ، من غير اعتقاد أن لذلك الزمان أو المكان فضل معين ، وإنما هو لِظَرفٍ يعرض له ، فيحتاج معه إلى هذا التخصيص ، ليس من البدعة في شيء ، ولا بأس به ، فالإحداث في الدين هو الذي قصد فيه المتعبد الإحداث والاختراع بإضافة ذلك إلى الشريعة والدين ، أو هو الذي يكون ذريعة مفضية إفضاء غالبا إلى ذلك ، فحينئذ يقع المسلم في البدعة .
قال الدكتور محمد حسين الجيزاني حفظه الله :
" للبدعة الشرعية قيودٌ ثلاثة تختص بها ، والشيء لا يكون بدعة في الشرع إلا بتوفرها فيه ، وهي : 1- الإحداث . 2- أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين . 3- ألا يستند هذا الإحداث إلى أصل شرعي ، بطريق خاص أو عام .... ، وهذا المعنى يحصل بواحد من أصول ثلاثة : الأصل الأول : التقرب إلى الله بما لم يشرع . والثاني : الخروج على نظام الدين . ويلحق بهما أصل ثالث : وهو الذرائع المفضية إلى البدعة " انتهى باختصار .
"قواعد معرفة البدع" (ص/18-23) .
أما اعتياد عبادة معينة في زمان أو مكان معين لتيسر ظروف العبادة فيهما ، من غير اعتقاد إلزام ولا مزيد فضل ، فلا حرج فيه ، كمن يعتاد صيام يوم الثلاثاء مثلا لأنه يوم إجازة عن العمل بالنسبة له ، وكذلك من يعتاد قيام ليلة السبت لأنه متفرغ من عمله نهار السبت ، ومثله من يعتاد قراءة القرآن بين المغرب والعشاء لتفرغه ذلك الوقت ، وهكذا أمثلة كثيرة كلها جائزة ؛ لأن شبهة الحدث في الدين منتفية ، وكذلك ليس فيها ذريعة قريبة للإحداث والابتداع .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما رأيكم فيما يفعله بعض الأئمة من تخصيص قدر معين من القرآن لكل ركعة ولكل ليلة ؟
فأجاب :
" لا أعلم في هذا شيئا ؛ لأن الأمر يرجع إلى اجتهاد الإمام ، فإذا رأى أنَّ مِن المصلحة أن يزيد في بعض الليالي أو بعض الركعات ؛ لأنه أنشط ، ورأى من نفسه قوة في ذلك ، ورأى من نقسه تلذذا بالقراءة فزاد بعض الآيات لينتفع وينتفع من خلفه ، فإنه إذا حَسَّن صوته وطابت نفسه بالقراءة وخشع فيها ينتفع هو ومَن وراءه ، فإذا زاد بعض الآيات في بعض الركعات ، أو في بعض الليالي فلا نعلم فيه بأسا ، والأمر واسع بحمد الله تعالى " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (11/335) .
وعليه ؛ فلا نرى عليك حرجا في اعتياد الصدقة في يوم معين لتيسر الظروف فيه دون باقي الأيام ، لا لقصد فضيلة معينة في ذلك اليوم .
والله أعلم .
تعليق