الحمد لله.
أولاً :
هذه الأمور التي سألت عنها هي من الأمور الغيبية التي لا يمكن أن يعلمها الإنسان إلا من طريق الوحي ـ الكتاب والسنة ـ ولا شك أن منتهى النزول هو السماء الدنيا ، وليس إلى الأرض ، كما هو نص كلام الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) ، ولم يقل : إلى الأرض .
ثانياً :
وأما ما ذكرته من أن الله تعالى يأتي في ظلل السحاب ، وأن بعض الحيوانات يعرف ذلك ، فبعد البحث في أمهات الكتب الحديثية المتاحة ، والرجوع إلى أقوال أهل العلم الراسخين الذين تكلموا عن مسألة نزول الرب جل جلاله إلى السماء الدنيا لم نجد ما يدل على ثبوت شيء من ذلك . والواجب علينا إثبات ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا ، وأن نزوله يليق بجلاله وعظمته، ونفوض علم ما سوى ذلك إلى عالمه جل جلاله وتقدست أسماؤه ، وهو العليم الحكيم .
لكن قد جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى يوم القيامة حين يأتي لفصل القضاء؛ يأتي في ظلل من الغمام كما قال تعالى : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ) البقرة/210 ، وهذا إنما هو يوم القيامة .
ثم اعلم ـ وفقك الله ـ أنه لا منافاة أبداً بين إيماننا بعلو الله تعالى بذاته، وأنه هو العلي العظيم وبين نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا ؛ فإن علو الله تعالى من صفاته الذاتية التي لا يمكن أن ينفك عنها ، ـ أي : أنه لا يمكن أن يكون غير متصف بها في وقت ما ـ فلا منافاة بينهما
أولاً : لأن النصوص جمعت بينهما ، والنصوص لا تأتي بالمحال كما هو معلوم .
ثانياً : لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ، فليس نزوله كنزول المخلوقين حتى يقال : إنه ينافي علوه ويناقضه .
والله تعالى أعلى وأعلم .
انظر: (كتاب السنة لابن أبي عاصم ( 215 ) ، ومجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
تعليق