الحمد لله.
أولا :
يحرم سماع الموسيقى ودراستها لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (5000) .
ثانيا :
يحرم سماع الكفر وإقراره والسكوت عليه ؛ لقوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140 .
قال القرطبي رحمه الله : "قوله تعالى : (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي غير الكفر. (إنكم إذا مثلهم) : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل (إنكم إذا مثلهم) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء .
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية" انتهى .
ولاشك أن سماع الطالب لما يقرره النصارى في حق عيسى عليه السلام ، ومراجعتهم لهذه الدروس ، وإجابتهم عليها في امتحاناتهم ، كل ذلك من أعظم المنكر وأشدّه ، وهو إقرار قبيح بالكفر لا عذر يبيحه أو يسوغه .
ثالثا :
الدراسة في هذه المدارس مع وجود هذه المحاضرات لا ريب في تحريمها ومنعها وإثم من يحضرها ومن يلحق أبناءه بها .
والواجب على الآباء أن يسعوا إلى تجنيب أولادهم حضور هذه المحاضرات المشتملة على الكفر أو على الموسيقى ، فإن لم يمكن ذلك في هذه المدرسة ، فليحاولوا في مدرسة أخرى ، فإن مصلحة حفظ الدين مقدمة على كل مصلحة ، وليس التعليم بعذر يبيح سماع الكفر والسكوت عليه .
وعلى المسلمين في هذه البلاد أن يسعوا لإقامة المدارس الإسلامية الخاصة بهم ، وأن يجتهدوا لإيجاد الحلول المناسبة لهم كالتعليم الإلكتروني والمنزلي ، وأن يتكاتفوا جميعا لإنجاح ذلك .
ولو أن أولياء الأمور وقفوا موقفا واحدا وأصروا على تجنيب أولادهم هذه المحاضرات ، لربما أثمرت جهودهم في هذه المدرسة أو في غيرها ، وهذا ما يؤكد دور المسجد والمركز الإسلامي ، ويؤكد أهمية الاجتماع والاتحاد .
وينبغي أن تكون هذه المشكلة وما شابهها باعثا قويا على إعادة التفكير في مسألة الإقامة في هذه البلاد مع الخطر المحدق بالأبناء ، والمقرر عند أهل العلم أنه لا تجوز الإقامة في بلاد الكفر إلا مع القدرة على إظهار الدين ، فمن لم يقدر على إظهار دينه وجبت عليه الهجرة إلى بلد يتمكن فيه من إظهار دينه .
وينظر جواب السؤال رقم (13363) ورقم (27211) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
ما الحكم الشرعي في ذهاب الطلاب من أبناء المسلمين الذين يدرسون في الخارج للكنيسة ، حيث يفرض عليهم الذهاب لحضور حصص دراسية ، أو سماع كلمة من أحد القسس؟
فأجاب : "وأما ذهاب الطلاب إلى الكنائس للحصص الدراسية ، أو سماع كلام القسيس فإن ذلك لا يجوز ، سيما أبناء المسلمين الذين لم يتضلعوا في عقيدة الإسلام ، ولم يتقنوا حقيقة دينهم ، وقد ذهبوا إلى تلك البلاد قبل التوغل في معرفة الدين الصحيح ، ونشؤوا بين أولئك النصارى ، فإن مثل هؤلاء ينخدعون بما يسمعون من أولئك المنصرين الذين يبذلون قصارى جهدهم في تنصير من قدروا عليه من بني الإنسان ، ولا يتكاثرون ما أنفقوه في الدعاية إلى دينهم ، فمتى ذهب الشباب إلى تلك المعابد وشاهدوا تلك الصور ، وسمعوا كلمات أولئك القسس ، وما يبالغون فيه من مديح وهراء وحث ومبالغة في مدح دين النصارى ، لم يؤمن أن ينخدعوا بتلك الدعايات ، ويعلق بقلوبهم ما يعجز أهلوهم عن إقناعهم بالرجوع عنه ، فالواجب التحذير من المسلمين لأولادهم عن السماع والإصغاء إلى سماع كلام أولئك النصارى ، وتحذيرهم من دخول تلك الكنائس مهما استطاعوا ، والله أعلم" انتهى .
والحاصل : أنه لا يجوز إلحاق الأبناء بهذه المدارس وهي على الصفة التي ذكرت ، وعلى أولياء الأمور السعي لتجنيب أبنائهم حضور هذه المحاضرات أو البحث عن بديل آخر .
والله أعلم .
تعليق