الحمد لله.
أولاً :
لا شك أن الصدقة من أفضل الأعمال المقربة إلى الله تعالى ، وللفائدة ينظر جواب سؤال رقم (22885) و(36783) .
ثانياً :
من تصدق بكل ماله ، ولم يُبْقِ له شيئاً ، فإن كان هناك من هو ملزم بالنفقة عليهم كأولاده وزوجته ووالديه .. ولم يكن له عمل يكتسب منه ما ينفق عليهم به ، لم يجز له التصدق بكل ماله ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) رواه أبو داود ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
وقال عليه الصلاة والسلام : (إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري (2742) .
ولأن الصدقة نافلة والنفقة على الأولاد .. واجبة ، فلم يجز تقديم النفل على الواجب .
جاء في "أسنى المطالب" (1/407) : "ولو تصدق بما يحتاجه لعياله لم يجز ؛ لخبر (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) رواه أبو داود بإسناد صحيح ورواه مسلم بمعناه ، ولأن كفايتهم فرض وهو أولى من النفل" انتهى .
وجاء في "الفروع" (2/650) : "ومن أراد الصدقة بماله كله...فإن كان له عائلة ولهم كفاية أو يكفيهم بمكسبه جاز , لقصة الصديق رضي الله عنه , وإلا فلا" انتهى .
وقال أيضاً (2/650) : قال أصحابنا : "وإن أضر ذلك بنفسه أو بمن تلزمه نفقته...أثم" انتهى .
وفي سبل السلام : قال الباجي من المالكية : "إنه يحرم استيعاب جميع المال بالصدقة" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وهذا واضح أن الواجب البداءة بالواجب ، وأول ما هو واجب عليك نفسك ، ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ، ولكن قد تكون هناك أحوال تطرأ يكون تقديم غير أهلك أمراً مؤكداً كدفع ضرورة جائع سيموت مثلاً. إذا أنقذته بطعام وأهلك لا يموتون لو لم تطعهم الآن هنا نقدم الجائع ندفع ضرورته" انتهى من "شرح الكافي" .
ومحل التحريم إذا لم يرض من تلزمه نفقتهم ، أما إذا رضوا بذلك ، فلا حرج عليه من الصدقة بجميع ماله .
جاء في "مطالب أولى النهى" (2/166) : "ومن تصدق بما ينقص مؤنة تلزمه كمؤنة زوجته أو قريب أثم....إلا أن يوافقه عياله على الإيثار, فهو أفضل ؛ لقوله تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)" انتهى .
والله أعلم
تعليق