الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

الفقير القادر على كسب لا يليق به هل له الأخذ من الزكاة

السؤال

هناك عوائل فقراء ولهم أولاد كبار في السن يقدرون على الكسب إلا أنهم لا يعملون بحجة أن هذا العمل لا يليق بهم ، فهل يعطون من الزكاة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

لا يجوز صرف الزكاة لفقير قادر على الكسب ؛ لأنه لا يعتبر فقيراً ما دام قادراً على التكسب بعمله.

فعن عبد الله بن عدي بن الخيار : (عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ , فَصَعَّدَ فِيهِمَا الْبَصَرَ , فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ , فَقَالَ : إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا , وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ , وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ)  رواه أبو داود (1633) ، وصحح إسناده النووي في "شرح المهذب" (1/171) والألباني في صحيح أبي داود (5/335).

جاء في "فقه العبادات" ، وهو من كتب المالكية (1/295) : "الغني : وهو من ملك شيئاً يكفيه لعام أو كان له كسب أو راتب يكفيه..." انتهى .

وفي "المنهاج مع مغني المحتاج"(4/173) : "الفقير من لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من حاجته.." انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله : "ومن كان ذا مكسب يغني به نفسه وعياله إن كان له عيال , وكان له قدر كفايته في كل يوم... , فهو غني لا حق له في الزكاة . وبهذا قال ابن عمر , والشافعي.." انتهى من "المغني"(6/324) .

ولكن .. يشترط في هذا العمل أن يكون لائقاً به ، فإن كان لا يليق به ، كما لو كان من الوجهاء ثم افتقر فهذا لا يكلف أن يعمل عملاً لا يليق به ، فلا يكلف أن يعمل عاملاً في محل أو نحو ذلك ، فمثل هذا يجوز أن يُعطى من الزكاة .

قال النووي رحمه الله :

"سئل الغزالي عن القوي من أهل البيوتات الذين لم تجر عادتهم بالتكسب بالبدن , هل له أخذ الزكاة من سهم الفقراء والمساكين؟

فقال: نعم ، وهذا صحيح جار على ما سبق أن المعتبر حرفة تليق به" انتهى من "شرح المهذب" (6/175) .

وفي "المنهاج" : "الفقير : من لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من حاجته , ولا يمنع الفقر كسب لا يليق به" انتهى باختصار .

قال شارحه الشربيني في "مغني المحتاج" (4/174) :

"أي : بحاله ومروءته ; لأنه يخل بمروءته ، فكان كالعدم , وإطلاق الكسب في الحديث المار محمول على الكسب الحلال اللائق..., وأفتى الغزالي بأن أرباب البيوت الذين لم تجر عادتهم بالكسب لهم أخذ الزكاة" انتهى .

والحاصل : أن هؤلاء الذين لا يعملون بحجة أن العمل غير لائق بهم ، فإن كان العمل كذلك فعلاً غير لائق بهم فلهم الأخذ من الزكاة ، أما إذا كان العمل لائقاً ، وأمثالهم يعملون هذا العمل بلا غضاضة فلا يجوز أن يعطوا من الزكاة ، بل ينصحون بالعمل .

والله أعلم         

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب