الحمد لله.
بعد الاطلاع على ما كتبه الرقاة والمختصون في مسألة تأثير السحر على جنين الحامل تبيَّن لنا :
1. أن السحر إذا قُصِد به الأم : فإنه يختص بها ، ولا يظهر أنه ينتقل بمجرد ذلك إلى الجنين ، ولا نعلم أصلا شرعيا ولا طبيا لما يسمى : " السحر الوراثي " .
2. أن السحر إذا قُصدت به المرأة وجنينها بعد تخلقه ، أو قُصد به الجنين وحده ، أو قُصد به المرأة لئلا تلد – وقدَّر الله تعالى وقوع ذلك - : فإنه يكون له تأثير على الجنين ، سواء بعد تخلقه ، أو لئلا يتخلَّق تخلُّقاً كاملاً ويُولد .
ومما رأيناه يؤيد هذا الذي قلناه : ما ثبت أن اليهود – وهم أهل خبث وسحر - سحروا المسلمين في المدينة لئلا يولد لهم ، فلما وُلد أول مولود لهم وهو عبد الله بن الزبير فرحوا فرحاً شديداً .
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ ، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَنَزَلْتُ قُبَاءً فَوَلَدْتُ بِقُبَاءٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُهُ فِى حَجْرِهِ ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا ، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ ، ثُمَّ دَعَا لَهُ فَبَرَّكَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِى الإِسْلاَمِ ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا ؛ لأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلاَ يُولَدُ لَكُمْ .
رواه البخاري ( 5152 ) – واللفظ له - ، ومسلم ( 2146 ) .
مُتِمُّ : المرأة الحامل التي دَنَا ولادها .
حَنَّكَه : التحنيك : أن يَدْلكَ بالتَّمر أو أي شيء حلو – كالعسل - حنك الصبي .
وبَرَّك عليه : أي : دعا له بالبركة .
وهذا الحديث يدل على أن للسحر تأثيراً في العقم ، وتأثيراً في موت الجنين وعدم تخلقه أو عدم اكتمال نموه وولادته ، ولا شك أن هذا السحر الذي حصل من اليهود كان مقصودهم منه الجنين والولادة ، وهنا يقال بالتأثير لذلك السحر إن شاء الله تقديره ووقوعه ، وأما أن تُسحر المرأة ثم ينتقل الأثر لجنينها : فلا يثبت ذلك .
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله:
عن إمكانية أن يكون العقم لدى الرجل أو المرأة بسبب السحر ؟ .
فأجاب :
الأصل : أن العقم من تقدير الله تعالى وخلقه ، كما قال تعالى : ( وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا ) الشورى/ 50 ، وقال عن زكريا : ( وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا ) مريم/ 5 ، فالله سبحانه قدَّر أن بعض خلقه لا يولَد له ، سواء من الرجال أو من النساء ، وقد يوجد لشيءٍ من ذلك علاج مؤثِّر بإذن الله تعالى ، فيزول العقم بواسطة بعض الأدوية والعقاقير ، وقد يكون خلقة أصلية لا تؤثر فيه العلاجات ، وقد يكون العقم بسبب عمل شيطاني من بعض السحرة والحسدة ، فيعمل أحدهم للرجل أو المرأة عملاً يبطل به أسباب الإنجاب ، وذلك بحيل خفية تساعده عليها الشياطين ، أو أن نفس الشيطان الملابس له يعمل في إبطال تأثير الوطء في الحبل ، سواء من الرجل أو المرأة ، فالشياطين الملابسة للإنس لهم من التمكن في جسم الإنسان ما أقدرهم الله عليه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) متفق عليه ...
فيسعى في علاجه بالرقى والتعوذات والأدعية النافعة ، وكثرة ذكر الله تعالى ، وتلاوة القرآن ، والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة ، والتنزه عن المحرمات والمعاصي ، وتنزيه المنزل عن آلات اللهو والباطل ونحو ذلك مما تتسلط به الشياطين ، وتتمكن من التأثير في الإنسان ، ويسبب بُعد الملائكة عن المنازل التي تظهر فيها المعاصي ، وبهذه الإرشادات يخف تأثير السحرة بإذن الله تعالى .
" الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة " أسامة بن ياسين المعاني ( ص 184 - 186 ) .
وقد قال المؤلف نفسه – وهو من أهل الاختصاص العلمي والعملي– ردّاً على السؤال : " هل من الممكن أن يؤثر السحر على الجنين في بطن المرأة إذا كان السحر معمولاً داخل البطن حيث إن هناك آلاماً بالبطن بسبب السحر ؟ " - :
" يعتمد على قصد الساحر ، فإن كان السحر في الأصل لإيذاء الجنين أو قتله : فيقع ذلك بقدر الله الكوني لا الشرعي ، إما إن كان القصد من السحر غير ذلك : فلا يؤثر السحر على الجنين بإذن الله عز وجل " .
انتهى من " منتدى الرقية الشرعية " بإشراف أسامة المعاني .
http://www.ruqya.net/forum/showthread.php?t=1142
والله أعلم
تعليق