الحمد لله.
العمل في البنوك الربوية وشركات التأمين ومصانع الخمور لا يجوز ، كما لا تجوز مساعدتهم وإعانتهم على فعل المنكر ، سواء كان ذلك بتوجيه العاملين للعمل معهم ، أو غير ذلك من صنوف الإعانة على ما حرم الله من العصيان .
وذلك لأن الله تعالى يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
فكما حرم الله علينا معصيته ، حرم علينا أن نعين العاصي على المعصية .
وقد روى مسلم في صحيحه (2674) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) .
وقال المناوي رحمه الله :
"الدال على الخير كفاعله ، فإن حصل ذلك الخير فله مثل ثوابه ، وإلا فله ثواب دلالته .
والدال على الشر كفاعله ؛ لإعانته عليه ، فله كفعله من الإثم ، وإن لم يحصل بمباشرته" انتهى بمعناه من "فيض القدير" (3 /716-717) .
وعلى هذا : فتقديم الخدمات
بتيسير العمالة لهذه الهيئات والمؤسسات لا يجوز ، أما القطاعات الأخرى كشركات الغاز
والنفط ونحوها فلا بأس به .
وكون غالب المتقدمين من غير المسلمين لا يغير الحكم ؛ لأن هذه الإعانة على شيء حرمه
الله ونهى الخلق كلهم عنه ، والشي المحرم يكون محرماً على المسلمين وعلى غير
المسلمين .
فالكفار مخاطبون بأحكام الشريعة التي خوطب بها المؤمنون ، كما هو مذهب المحققين من
العلماء .
قال النووي رحمه الله :
" اِعْلَمْ أَنَّ الْمُخْتَار أَنَّ الْكُفَّار مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة
الْمَأْمُور بِهِ وَالْمَنْهِيّ عَنْهُ , هَذَا قَوْل الْمُحَقِّقِينَ
وَالْأَكْثَرِينَ " انتهى .
وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عَنْ خَيَّاطٍ خَاطَ لِلنَّصَارَى سَيْرَ حَرِيرٍ
فِيهِ صَلِيبُ ذَهَبٍ . فَهَلْ عَلَيْهِ إثْمٌ فِي خِيَاطَتِهِ ؟
فَأَجَابَ :
" نَعَمْ ، إذَا أَعَانَ الرَّجُلُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ آثِمًا ؛
لِأَنَّهُ أَعَانَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي
الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعَاصِي فَكَيْفَ بِالْإِعَانَةِ عَلَى الْكُفْرِ
وَشَعَائِرِ الْكُفْرِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22 /141) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" معلوم من الشرع المطهر أن الكفار مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها ... فلا يجوز
للمسلم أن يعينهم على ترك ما أوجب الله عليهم " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"
(14 /475).
وأيضا : أن هذه القطاعات يعم ضررها المسلم وغير المسلم ، فإعانة القائمين عليها
يلحق الضرر بالمسلمين أيضاً .
فلا يجوز لك إعانة أحد على فعل المنكر أو الدلالة عليه .
فالذي ينبغي عليك فعله أن ترشد طالبي العمل إلى العمل في الأنشطة المباحة ، فإن لم
يمكنك ذلك ، وكنت ملزماً بتوجيههم إلى العمل المحرم ، فعليك أن تتحول إلى عمل آخر
مباح .
ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله
خيراً منه .
والله أعلم .
تعليق