الحمد لله.
أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة .
لكن يجوز الإخبار عن الله تعالى بما كان صحيح المعنى وإن لم يثبت ؛ لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات .
قال ابن القيم رحمه الله: " ويجب أن تعلم هنا أموراً :
أحدها : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى ، أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ، كالشيء والموجود والقائم بنفسه ؛ فإنه يخبر به عنه ، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا ".
ثم قال: " السابع : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي ، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه . فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية ، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع " انتهى من "بدائع الفوائد" (1/132).
فقول القائل عن الله تعالى : إنه سرور العابدين ، وقرة أعين العارفين ، وما أشبه ذلك كملاذ الخائفين ، ورجاء المستغفرين ، لا حرج فيه ، لأنه إخبار عن الله تعالى بأمر صحيح يدل عليه ، فهو سبحانه سبب سرور العابدين ، وبه تقرّ أعين المؤمنين في الآخرة ، وهو الملاذ والملجأ سبحانه ، لكن لا يجعل ذلك من أسمائه ، فلا يعبّد بهذا الاسم ويقال : عبد سرور العابدين .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
" هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلا -بالله عز وجل: يا معين، يا رب، أو عند طلب التيسير فيأمر: يا مسهل، أو يا ميسر يا رب، وما الضابط في ذلك؟ وما حكم من يقول ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا؟ " .
فأجابت :
" يجوز لك أن تقول ما ذكرت ؛ لأن المقصود من المعين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى ؛ لتصريحك بقولك : يا رب، آخر النداء ، سواء قلت ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" . انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/160) .
وسئل الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
" يدعو بعض الأئمة هذه الأيام يقول: يا غِيَاثَ المستغيثين، فهل اسم غِيَاثْ من أسماء الله تعالى؟
فأجاب :
" هذا الدعاء صَحَّحَهُ الإمام أحمد رحمه الله، وصَوَّبَهُ ابن تيمية في الفتاوى أيضاً وذلك لأنَّ الله - عز وجل - هو الذي يُغِيثْ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ[الأنفال:9]، فمن استغاث بالله أغاثه، والاستغاثة نوع من الدعاء لأنها طلب الغوث الذي هو دعاء خاص ونداء خاص، فالله - عز وجل - يجيب المضطر إذا دعاه كما قال في سورة النمل أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ[النمل:62]، فهذا الدعاء مما صُحِّحْ، ومسألة النداء فيه يا غياث المستغيثين لا يلزم منه أن يكون اسم غياث من الأسماء الحسنى لأنَّ معناه ثابتٌ بطريقة أخرى وهذه يمكن الرجوع فيها إلى كلام ابن تيمية " انتهى من "شرح العقيدة الطحاوية" .
ولمعرفة الفرق بين باب الأسماء والصفات وباب الإخبار عن الله ، ينظر : سؤال رقم (72870)
والله أعلم .
تعليق