الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

إثبات القدمين لله تعالى

السؤال

السلام عليكم شيخنا الفاضل، أنا طالب علم ويرد علي إشكال، هل نثبت لله قدمين ، كما جاءت في صيغة التثنية في الحديث الموقوف على ابن عباس (الكرسي موضع القدمين) ، أم نثبت لله قدماً واحداً كما جاء في الحديث : (.. حتى يضع رب العزة فيها رجله.. وفي رواية : عليها قدمه) ؟ وإن كان لله قدمان ، فهل يضع الله عز وجل على جهنم كلتا قدميه ، للعلم بأن في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (قدمه) إضافة ، وكما نعلم فإن المفرد المضاف يعم ؟ علمونا جزاكم الله خيراً ..

الجواب

الحمد لله.


من الصفات الثابتة لله عز وجل : الرِّجل أو القَدم .
ودليل ذلك : ما روى البخاري (6661) ومسلم (2848) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ) .
وروى البخاري (4850) ومسلم (2847) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتْ النَّارُ أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَتْ الْجَنَّةُ مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَقَالَ لِلنَّارِ إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا ).
ولفظ مسلم : ( فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا ).
فهذا يدل على إثبات القدم أو الرجل لله تعالى .

وقال ابن عباس رضي الله عنه : " الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره " رواه ابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 248 رقم : 154) ، وابن أبي شيبة في "العرش" (61) ، والدارمي في "الرد على المريسي" ، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة" ، والحاكم في "المستدرك" (2/ 282) ، وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في "مختصر العلو" ص 102 ، وأحمد شاكر في "عمدة التفسير" (2/ 163).
وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : " الكرسي موضع القدمين، وله أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل " رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة" ، وابن أبي شيبة في "العرش" (60) ، وابن جرير ، والبيهقي، وغيرهم ، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (8/ 47) والألباني في "مختصر العلو" ص 123-124
وهذان الأثران يدلان على إثبات القدمين لله تعالى ، وعلى هذا درج أهل السنة .

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله : " هذه الأحاديث التي يقول فيها : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرْب غِيَره ، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها ، والكرسي موضع القدمين ، وهذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق ، حملها الثقات بعضهم عن بعض ، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها " رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ( 2/ 198)، وابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 149).

وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 376) : " الواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه من اليدين والقدمين والأصابع وغيرها من الصفات الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بالله سبحانه ، من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ؛ لقول الله سبحانه : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ، وقوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) وهي حقيقة لا مجاز . وأما التنطع في إثبات ما لم يرد به الكتاب والسنة فالواجب تركه .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .

وقال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله : " وفي هذا الحديث إثبات الرِّجل والقدم له -سبحانه وتعالى-، وأهل السنة يثبتون لله ما جاء في هذا الحديث على حقيقته، كما يثبتون سائر الصفات، كما يثبتون اليدين والعينين له -سبحانه وتعالى-، ويقولون: إن له تعالى قدمين، كما جاء في الأثر المشهور عن ابن عباس في تفسير الكرسي: أنه موضع القدمين، أي: قدمي الرب -سبحانه وتعالى-.
القول في القدمين واليدين، القول في ذلك واحد، لا مجال للتفريق " انتهى من "شرح الواسطية" ص 172
والثابت هو أن الله تعالى يضع على النار رجله أو قدمه ، فنؤمن بهذا ، ونقف عنده ، ولا نتجاوزه ، ولا نقول : يضع قدميه بحجة أن المفرد المضاف يعم ، كما لا نقول: كتب التوراة بيديه ، بل نقتصر على الوارد ؛ لأن الصفات مبناها على التوقيف .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب