الحمد لله.
قول الله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الأعراف/ 54 ، وقوله عز وجل : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ) ق/ 38 ، لا يلزم منه أن يكون تقدير اليوم بحركة الأفلاك ، أو الشمس والقمر ونحو ذلك ؛ فإن هذا إنما هو تقدير أيام الدنيا على ما يتعارفه الناس ؛ وأما قبل أن يخلق الله الشمس والقمر ، فلا يلزم ألا يكون هناك مقياس آخر لتقدير الزمان ، ومعرفة الأيام وقدرها ؛ بل إننا نعلم الآن ما يعرف بالسنة الضوئية ، وهي مخلتفة اختلافا تاما عن السنة التي يعرفها الناس ؛ ولا يحكم أحد على من يتكلم بذلك بالخطأ ، أو يقول له : إن سنتك غير صحيحة ، ولا معروفة .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
" معنى قوله ( في ستة أيام ) أي في مقدار ذلك ؛ لأن اليوم يعرف بطلوع الشمس وغروبها ، ولم تكن الشمس حينئذ ... " انتهى من "زاد المسير" (3 /211) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ، وَسَوَاءٍ قِيلَ : إنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ بِمِقْدَارِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُقَدَّرَةِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا ؛ أَوْ قِيلَ : إنَّهَا أَكْبَرُ مِنْهَا - كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرُهُ أَلْفُ سَنَةٍ - فَلَا رَيْبَ أَنَّ تِلْكَ الْأَيَّامَ الَّتِي خُلِقَتْ فِيهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ غَيْرُ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَغَيْرُ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ حَرَكَةِ هَذِهِ الْأَفْلَاكِ . وَتِلْكَ الْأَيَّامُ مُقَدَّرَةٌ بِحَرَكَةِ أَجْسَامٍ مَوْجُودَةٍ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18 /235) .
وقال أيضا :
" أخبر الله أن خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، فتلك الأيام مدة وزمان مقدر بحركة أخرى غير حركة الشمس والقمر " انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (1 /69) .
وراجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (146979) .
والله تعالى أعلم .
تعليق