الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يفهم من فعل ابن عمر وأبي هريرة وتكبير الناس عند سماع تكبيرهما أن ذلك التكبير الجماعي ؟

192455

تاريخ النشر : 10-02-2013

المشاهدات : 33801

السؤال


نسمع أن التكبير الجماعي بدعة لا تجوز ، فما هي أقوال العلماء في ذلك ؟ وهل يمكن الاستدلال على جواز التكبير جماعة بما جاء أن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما : كانا يخرجان للسوق فيكبران ، فيكبر الناس بتكبيرهما ؟
فإن قلنا إن الناس كانوا يكبرون فرادى ، كل واحد بتكبيره ، فكيف كان يكبر الناس بتكبير أبي هريرة وابن عمر ما لم يكن تكبيرهما واحدا ؟! فلو قلنا إنهما كانا يمشيان في السوق ، ويكبران فهل كان الناس ينقسمون إلى قسمين : القسم الذي على اليمين مثلا يكبر بتكبير أبي هريرة والذي على اليسار بتكبير ابن عمر ؟ وإن قيل إنهما كانا يفترقان في السوق ، فيكبر كل في مكان ، فهذا لا دليل عليه ، ولو وجد لذكر.

الجواب

الحمد لله.


سبق الحديث عن حكم التكبير الجماعي وذكر أقوال العلماء فيه, وسبق الكلام أن الاستدلال بما رواه البخاري في صحيحه (2 / 20): " أن ابن عمر، وأبو هريرة كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما» على شرعية الصورة الموجودة الآن من التكبير الجماعي المنظم استدلال فيه نظر, فليراجع ذلك كله في الفتوى رقم: (127851).
والحاصل : أن أبا هريرة رضي الله عنه ، وابن عمر رضي الله عنهما ، إنما كانا يخرجان إلى السوق فيكبران في هذا المكان الذي تغلب فيه غفلة الناس وانشغالهم ، فيتذكر الناس التكبير ، فيكبر كلٌّ على حدة ، إثر ذلك التذكر ، فيكثر المكبرون لأجل ذلك .
ولا علاقة لهذا بانقسام الناس فريقين ، أو ما ذكر من هذه التخيلات التي لا أصل لها في الآثار أصلا .
وأما قول الشافعي في الأم (1 / 264) " فإذا رأوا هلال شوَّال أحببت أن يكبر الناس : جماعة وفرادى ، في المسجد ، والأسواق، والطرق، والمنازل، ومسافرين، ومقيمين في كل حال، وأين كانوا، وأن يظهروا التكبير، ولا يزالون يكبرون حتى يغدوا إلى المصلى، وبعد الغدو حتى يخرج الإمام للصلاة ، ثم يَدَعوا التكبير " انتهى.
فليس نصا في التكبير الجماعي بالصورة المعروفة الآن ، وهي أن يبدؤوا جميعا وينتهوا جميعا ، ولم نقف على التصريح بذلك في كتب أصحابه ، مع شدة عنايتهم بتفاصيل ذلك الباب ، حتى خصوه بباب : ( التكبير ) أو ( التكبير في العيدين ) في كثير من كتبهم .
والذي يظهر ، والله أعلم ، أنه يحمل على أن كل واحد يكبر ، سواء كان منفردا ، أو كان في جماعة كلهم يكبرون ، في المسجد أو غيره مما ذكره ، دون توافق على صوت واحد .
ومعلوم أن الكلام إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال فبقي ما ذكرناه في الفتوى المحال عليها آنفا سالما عن المعارض.

مع التنبيه على أن القول ببدعية هذه الصورة في التكبير الجماعي ليس قولا محدثا بل قد صرح به أئمة من أهل العلم منذ زمان طويل, ومن هؤلاء ابن الحاج حيث قال في كتابه المدخل (2 / 285) عند حديثه عن تكبير العيد " ثم إنهم يمشون على صوت واحد ؛ وذلك بدعة لأن المشروع إنما هو أن يكبر كل إنسان لنفسه ، ولا يمشي على صوت غيره " انتهى.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب