الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

خادمة لا تحصل على أجرتها ولا على طعامها

198024

تاريخ النشر : 28-02-2014

المشاهدات : 6145

السؤال


أعمل خادمة لدى أسرة عربية ، ومنذ ثلاثة أشهر حين بدأت العمل وحتى الآن لم أستلم راتبي ، واستحي أن أطلب منهم ، أحيانا تأخذني الشجاعة فأطلب منهم ، فيخبروني بأنهم سوف يعطوني ، ولا أرى شيئا . هل من الإسلام تأخير الراتب ؟ ، وما حكم هذا السلوك ؟ وهناك أمر آخر : إن الأسرة التي أعمل عندها مسلمة ، لكنهم لا يعطوني طعاما ، وكأني لست موجودة معهم ، فحينما يطهى الطعام يأكلوه كله ، وإذا بقي شيء يأمروني أن أضعه في الثلاجة ، وأحيانا يعطوني شيئا ، وحيث إني في حاجة للغذاء فقد آكل ملء كفي ، وقد أشرب بعض العصائر بقدر ما يجعلني أستطيع الحركة ، فهل ما أفعله صواب أم لا ؟

الجواب

الحمد لله.


أختنا الكريمة :
لقد آلمتنا معاناتك ، وأحزننا ما تجدين من الشدة والبأس في عملك ، ومعيشتك مع مخدوميك ؛ ولئن سألت عن الإسلام في ذلك الذي تعانينه ؛ فأين من الإسلام ذلك كله ؟!
وأين من الإسلام أن يشبع المخدوم ، والخادم جائع ؟!
بل أين من الإسلام أين يشبع وجاره جائع ؟!
بل أين من الإسلام أن يشبع ، ودوابه التي يعمل عليها ، والدواجن في بيته جياع ، لا يطعمهم؟!
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ) رواه مسلم (3007) .
وقال أيضا : ( لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ) رواه مسلم (1662) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا كَفَى الْخَادِمُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ ، فَلْيُجْلِسْهُ فَلْيَأْكُلْ مَعَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، فَلْيَأْخُذْ لُقْمَةً ، فَلْيُرَوِّغْهَا فِيهِ ، فَيُنَاوِلْهُ ) .
رواه أحمد في مسنده (12/292 رقم 7338ـ الرسالة) وقال المحققون : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
نصيحتنا لك أن لا تسكتي على مظلمتك ، وأن تطالبي بأجرتك بكل جرأة ووضوح ، وتستعملي في سبيل ذلك الكلمات اللينة والصريحة في الوقت نفسه ، فما تفعله هذه الأسرة من تأخير أجرتك وحرمانك من الطعام من أقبح الظلم وأخسه ، حيث يستغل الغنيُّ العاملَ الفقير ، ويؤخر أجرته ومستحقاته إلى أطول وقت ممكن ، لا لشيء إلا على سبيل الإهمال ، أو على سبيل القصد والعمد يريد إلحاق الأذى والعوز به .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ – وذكر منهم - وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ ) رواه البخاري (2270).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ ) رواه مسلم في " صحيحه " (2564) .
فيا ويح أولئك المتجبرين الذين يستضعفون الناس ويأكلون أموالهم بالباطل ، وقد كان الأجدر بهم أن يحسنوا إليهم ، فيكرموهم بما يزيد على أجرتهم لمساعدتهم على حمل تكاليف الدنيا وأعبائها ، وليس فقط أن يؤدوا إليهم حقوقهم .
فما بالك إذا اعتدوا على تلك الحقوق فأكلوها أو أخروها بغير وجه حق ، والله عز وجل يقول : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ . وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) الشورى/39-43.

وإذا كان عقد العمل والخدمة الذي تعملين بموجبه قد نص على طعامك وشرابك في كفالة هؤلاء الذين تعملين معهم ، أو كان العرف العام يقضي بذلك ، فلا حرج عليك حينئذ فيما تأكلين أو تشربين بغير علم الأسرة التي تخدمينها ، فذلك حقك المشروع المتفق عليه معهم .
أما إذا نص العقد على أن تتحملي تكاليف الطعامك والشراب ، أو كان هذا هو العرف العام ، فالأصل أن توفري طعامك من مالك الخاص .
وفي حال عدم استلام الراتب وتأخيره يجوز لك الأكل بالمعروف دفعا للحاجة إذا لم يتوفر لك من المال ما تشترين به الطعام .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب