الحمد لله.
لم يرد في الأحاديث الصحيحة - فيما نعلم - نص صريح يفيد أن المهدي يقود المسلمين في الملحمة الكبرى ضد الروم آخر الزمان ، ولكن ثبت أن قتال الروم يكون زمان نزول المسيح عليه السلام ، وظاهر الأحاديث الصحيحة أيضا : أن المهدي يكون زمان نزول المسيح أيضا .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
"أما كون المهدي يكون عند نزول عيسى فقد قال ابن كثير في الفتن والملاحم: أظنه يكون عند نزول المسيح ، والحديث الذي رواه الحارث بن أبي أسامة يرشد إلى هذا ويدل عليه ؛ لأنه قال: أميرهم المهدي ، فهو صريح في أنه يكون عند نزول عيسى ابن مريم، كما ترشد إليه بعض روايات مسلم وبعض الروايات الأخرى، لكن ليست بالصريحة فهذا هو الأقوم والأظهر ولكنه ليس بالأمر القطعي ." انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (4/101) .
والظاهر - كذلك - أنه إمامهم
في الصلاة ، الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام ، وهو كذلك أميرهم في الجهاد
:
روى مسلم (156) عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي
يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ، قَالَ : (
فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ
أَمِيرُهُمْ : تَعَالَ صَلِّ لَنَا ، فَيَقُولُ : لَا ، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى
بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ ) .
ورواه الحارث بن أبي أسامة ولفظه : ( ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم المهدي :
تعال صل بنا، فيقول: لا ؛ إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله لهذه الأمة ) وصححه
الألباني في "الصحيحة" (2236) .
وقد تشابهت الأحاديث الواردة
في المسيح عليه السلام وفي المهدي خليفة المسلمين ؛ فروى البخاري (2222) ومسلم
(155) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ
يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ،
وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ
يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .
وروى الحاكم (8673) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُر، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( يَخْرُجُ فِي آخِرِ
أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ
نَبَاتَهَا ، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا ، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ وَتَعْظُمُ
الْأُمَّةُ ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا) يَعْنِي حِجَجًا .
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (711) .
وروى مسلم (2897) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : ( لَا
تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ ،
فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ
يَوْمَئِذٍ ، فَإِذَا تَصَافُّوا ، قَالَتِ الرُّومُ : خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ
الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ : لَا ،
وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ ،
فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ
، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ
أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ
الْغَنَائِمَ ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ ، إِذْ صَاحَ فِيهِمِ
الشَّيْطَانُ: إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ ،
وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ
يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ،
فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّهُمْ،
فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ،
فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ،
فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ) .
قال القاري رحمه الله :
" قَالَ فِي الْأَزْهَارِ: الْمُرَاد بِالْجَيْشِ الْخَارِجِ إِلَى الرُّومِ :
جَيْشُ الْمَهْدِيِّ ، بِدَلِيلِ آخِرِ الْحَدِيثِ " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/
3412) .
وروى نعيم بن حماد في "الفتن" (1022) عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " الْمَهْدِيُّ يُبْعَثُ بِقِتَالِ الرُّومِ "
راجع لمزيد الفائدة في هذا
الباب أجوبة الأسئلة أرقام : (43840)
، (128682) ، (170174)
، (190967) .
والله تعالى أعلم .
تعليق