الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

اعتكفت في العشر الأواخر ثم حاضت، فما الحكم؟

السؤال

اعتكفت منذ سنوات في العشر الأواخر في أحد المساجد ، وفي اليوم السابع والعشرين فاجأتني الدورة الشهرية فخرجتمن اعتكافي ،وقد ذهبت أبحث في المسألة في كتاب "بيشتي زيور" أو الحلي السماوية فذكر أن الاعتكاف مكتمل ، وبعد سنوات سألت أحد المفتين فقال لي ، إن هذا الكتاب غير موثوق ، وأنه يجب علي إكمال بقية الأيام ، فاعتكفت في غرفتي في البيت ، لكني علمت فيما بعد أنه لا يصح إلا أن يكون في المسجد . والآن سؤالي هو:

هل ابتدأ الاعتكاف من جديد في المسجد لمدة عشرة أيام أم ماذا أفعل ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أنه إذا كان اعتكافك تطوعا – كما هو الظاهر -: فما مضى منه قبل الحيض صحيح ، وأما ما تبقى منه ، بعد نزول الحيض : فلا يلزمك العودة إلى المسجد لإكماله ، أما إذا كان اعتكافك واجبا (وفاءً بنذر) فلابد من معرفة صيغة النذر حتى ينظر هل يجب عليك إكماله أم لا ؟ والله أعلم.

الجواب

الحمد لله.

أولاً:
اتفق العلماء على أنَّ الرجل لا يصحُّ اعتكافه إلا في المسجد ؛ لقول الله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187 ؛ فخصَّ الاعتكاف بأنَّه في المساجد. انظر: " المغني " لابن قدامة (3/189).
وذهب جمهور العلماء إلى أنَّ المرأة كالرجل في هذا ؛ فلا يصحُّ اعتكافها إلا في المسجد، ولا يصحُّ اعتكافها في مسجد بيتها. وينظر لمزيد من التفصيل في هذه المسألة فتوى رقم : (50025).

ثانيًا:
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان : سُنَّة مستحبَّة للرِّجال، وللنِّساء أيضًا إذا أُمِنَت الفتنة ، وكان هناك مكان مخصَّص للنِّساء ، ولم يعُقها الاعتكاف عن أعمالها الواجبة، وكان ذلك بإذن الزَّوج .
وانظر لمزيد من التفصيل في هذه المسألة فتوى رقم : (37698).

ثالثًا:
الأصل في الاعتكاف أنَّه سُنَّة وليس بواجب، ولا يكون واجبًا إلا بالنذر ، فإذا كان نذرا ؛ فيجب الوفاءُ به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6696).
ولأن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، قَالَ: (أَوْفِ بِنَذْرِكَ) " رواه البخاري (6697) ، ومسلم (1656).
وقال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص53): "وأجمعوا على أنَّ الاعتكاف سُنَّة ، لا يجب على الناس فرضًا ، إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرًا ، فيجب عليه" انتهى .

رابعًا:
إذا اعتكفَت المرأة في المسجد ، ثم حاضت؛ وجبَ عليها الخروجُ من المسجد - باتفاق أهل العلم - ، ولا يبطُل ما مضى من اعتكافها بالحَيض ، عند جمهور أهل العلم.
ثم ترجع إلى بيتها، فإذا طهرت ، وكان الاعتكاف واجبًا - بنذرٍ - ؛ وجب عليها الرُّجوع للمسجد لإتمامِ اعتكافها - فتبني على ما اعتكَفَتْه - ، وتقضي ما فاتها، ولا كفَّارة عليها.

أما إذا كان الاعتكاف مسنونًا؛ فلا يجب عليها الرجوع إلى المسجد ، ولا قضاء هذا الاعتكاف فيما بعد .
قال الإمام مالك فِي الْمَرْأَةِ ، إنَّهَا إِذَا اعْتَكَفَتْ ، ثُمَّ حَاضَتْ فِي اعْتِكَافِهَا : " أنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهَا. فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ ، أَيَّةَ سَاعَةٍ طَهُرَتْ ، ثُمَّ تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنَ اعْتِكَافِهَا" انتهى من " الموطأ " (1/316).
وقال الشيخ ابن جبرين: "إذا اعتكفت ، ثم حاضت ؛ لَزِمَها الخروج من المسجد حتى تطهر، ثم تعود بعد الطُّهْر .
وإن انقضت المدَّة قبل الطُّهْر من الحيض والنفاس؛ وجب عليها القضاء إن كان الاعتكاف واجبًا بالنذر، وسقط إن كان تطوُّعًا ، لفوات وقته" .
انتهى من "حوار في الاعتكاف، منشور بموقعه:
http://www.ibn-jebreen.com/?t=books&cat=6&book=10&page=356 .
وينظر: " المغني " (3/206) ، و"شرح العمدة " لابن تيميَّة (2/839 - كتاب الصيام).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب