الحمد لله.
أولاً :
جاءت الأحاديث النبوية باستحباب السواك عند الوضوء وعند الصلاة ، وهي أحاديث مشهورة وقد سبق ذكر بعضها في الفتوى رقم : (2577) .
ثانيا :
هذا الحديث المسئول عنه حديث حسن ، وقد رواه الإمام أحمد (7513) والنسائي في " السنن الكبرى " (3027) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لَأَمَرْتُهُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ بِوُضُوءٍ ، ومَعَ كُلِّ وُضُوءٍ بِسِوَاكٍ ، وَلَأَخَّرْتُ عِشَاءَ الْآخِرَةِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ) . وحسنه محققو المسند ، وكذا حسنه الألباني في "صحيح الجامع" (5318) .
وقد رواه الطيالسي في "مسنده" (2448) ولفظه : ( لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَمَعَ كُلِّ وُضُوءٍ سِوَاكٌ ) .
وهذا الحديث يدل على استحباب الوضوء لكل صلاة ، وهذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم غالباً .
روى البخاري (214) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ ) . فقيل له : كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالَ : يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَظَاهِره أَنَّ تِلْكَ كَانَتْ عَادَته ، لَكِنْ الأحاديث الأخرى تدل عَلَى أَنَّ الْمُرَاد الْغَالِب " . انتهى بتصرف يسير، من "فتح الباري" (1/316).
وإن صلى عدة صلوات بوضوء واحد فهو جائز ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله أحياناً .
روى مسلم : (177) عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : لَقَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ . قَالَ : عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ ) .
قال القرطبي في "المفهم" (4/10) :
"قوله صلى الله عليه وسلم : ( عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ ) ؛ أي : قصدًا ، ليبين للناس أنه يجوز أن يصلي بوضوء واحد صلواتٍ ، وهذا أمر لا خلاف فيه " انتهى .
وقال النووي رحمه الله :
"فِي هَذَا الْحَدِيث أَنْوَاع مِنْ الْعِلْم مِنْهَا : جَوَاز الْمَسْح عَلَى الْخُفّ .
وَجَوَاز الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَات وَالنَّوَافِل بِوُضُوءٍ وَاحِد مَا لَمْ يُحْدِث ، وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدّ بِهِ .
وَحَكَى أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو الْحَسَن بْن بَطَّال فِي شَرْح صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء أَنَّهُمْ قَالُوا : يَجِب الْوُضُوء لِكُلِّ صَلَاة وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا ...
قال النووي : وَمَا أَظُنُّ هَذَا الْمَذْهَب يَصِحّ عَنْ أَحَد ، وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا اِسْتِحْبَاب تَجْدِيد الْوُضُوء" انتهى.
والحاصل أن هذا الحديث حديث حسن ، ويستحب للمسلم أن يتوضأ لكل صلاة ، وإن صلى عدة صلوات بوضوء واحد فهو جائز .
والله أعلم .
تعليق