الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم بيع الابن شقته للبنك نقداً ثم يشتريها الأب من البنك بثمن مؤجل ؟

236758

تاريخ النشر : 16-12-2015

المشاهدات : 21662

السؤال


والدي محتاج لمبلغ من المال ، وأنا عندي شقة تمليك ، فهل يجوز أن يشتري الوالد مني الشقة عن طريق البنك بما يسمى بالتمويل العقاري , ويكون العقار مرهون لدى البنك , ثم أقوم بتسليف الوالد المبلغ بعد قبضة من البنك ؟

الجواب

الحمد لله.


لهذه المسألة صورتان :
الأولى :
أن يتم الاتفاق بينكما على إتمام هذه المعاملة مع البنك ، ثم بعد قبض الابن للمال يعطيه لأبيه ، ويعيد الأب له الشقة ويسدد ثمنها للبنك مع الزيادة المتفق عليها .
فهذه صورة محرمة ؛ وهي حيلة على الربا ؛ لأن حقيقة الأمر في مآله : أن والدك أخذ مالاً من البنك ليرده زائداً ، وجعل هذه الشقة وسيلة للحصول على هذا القرض ، فالبيع الذي تم إنما هو بيع صوري غير مقصود ، فهو لا يريد الشقة ولا يقصدها أبداً .
فهذا العقد ظاهره : البيع المشروع ، وحقيقته : الربا المحرم .
قال شيخ الإسلام : " إذَا كَانَ قَصْدُ الطَّالِبِ أَخْذَ دَرَاهِمَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا إلَى أَجَلٍ وَالْمُعْطِي يَقْصِدُ إعْطَاءَهُ ذَلِكَ : فَهَذَا رِبًا لَا رَيْبَ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِنْ تَحَيَّلَا عَلَى ذَلِكَ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/439) .
وقال ابن القيم : " قَدْ عُلِمَ ... قَصْدهمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَعْقِدَا عَلَى السِّلْعَة عَقْدًا يَقْصِدَانِ بِهِ تَمَلُّكهَا وَلَا غَرَض لَهُمَا فِيهَا بِحَالٍ ، وَإِنَّمَا الْغَرَض وَالْمَقْصُود بِالْقَصْدِ الْأَوَّل : مِائَة بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ، وَإِدْخَال تَلِك السِّلْعَة فِي الْوَسَط تَلْبِيس وَعَبَث ... حَتَّى لَوْ كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَة تُسَاوِي أَضْعَاف ذَلِكَ الثَّمَن أَوْ تُسَاوِي أَقَلّ جُزْء مِنْ أَجْزَائِهِ لَمْ يُبَالُوا بِجَعْلِهَا مَوْرِدًا لِلْعَقْدِ , لِأَنَّهُمْ لَا غَرَض لَهُمْ فِيهَا ".
انتهى من "تهذيب سنن أبي داود " (2/ 142، بترقيم الشاملة آليا).
وقال الدكتور يوسف الشبيلي : " في التمويل الصوري الممنوع يكون هناك اتفاق أو تواطؤ لفظي أو عرفي على أن تعود السلعة إلى البائع الأول ، سواء كان العقد ثنائياً- وهو العينة- أو ثلاثياً – وهو الحيلة الثلاثية- ، وهذا يعني أن تملك المشتري للسلعة صوري ، ولهذا لا يحتاط أي منهما في العقد ، فلا يتحرى المشتري في اختيار السلعة ولا البائع في الثمن ".
انتهى من " مداخلة عن الاكتتاب في الندوة الفقهية الأولى" www.shubily.com/books/ektitab.doc
وأما إذا كان الابن سيشتريها من الأب - بعد ذلك - بأقل من الثمن الذي باعها به للبنك : فهي من العينة المحرمة ، وينظر جواب السؤال : (105339) ، (96706).
الثانية :
أن يكون والدك قاصداً لشراء الشقة شراءً حقيقياً ، بحيث يشتريها منك البنك بسعر المثل ، ثم يشتريها والدك من البنك ويقبضها وتكون تحت ضمانه ومسئوليته .
فهذه الصورة من صور التمويل بالمرابحة وقد سبق بيان جوازها في جواب السؤال : (140603) .
ولا حرج بعد ذلك من إقراضه المال الذي قبضته من البنك.
ولكن لا يجوز الاتفاق بينكما على انتفاعك بالشقة خلال مدة القرض ؛ لأنه يكون حينئذٍ قرضاً جرَّ نفعاً للمقرض .
وقد سبق بيان تحريم هذا في جواب السؤال : (98538) ، (59867) .
وينظر للفائدة جواب السؤال : (210104) ، (204810).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب