الحمد لله.
أولا:
المراقبة: هي أن يستصحب المسلم في جميع أحواله ، اعتقاده ويقينه بأن الله يراه ، ويعلم ما تكسبه جوارحه ، وأنه يعلم خافية نفسه ، وما ينطوي عليه صدره.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” المراقبة: دوام علم العبد، وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه.
فاستدامته لهذا العلم واليقين، هي المراقبة، وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه، ناظر إليه، سامع لقوله، مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة… ” انتهى من “مدارج السالكين” (2 / 1489).
وهذا أمر من ركائز الإيمان ، وقد تضافرت نصوص الوحي على تقريره؛ كقوله تعالى:
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ البقرة /235.
وكقوله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا النساء /1.
وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أنّ جِبْرِيل سأل النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإِحْسَان؟
قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ رواه البخاري (50) ، ومسلم (9).
والمراقبة من لوازم الإيمان بأسماء الله الحسنى كـ “العليم”، “السميع”، “البصير”.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير، فمن عقل هذه الأسماء، وتعبد بمقتضاها: حصلت له المراقبة. والله أعلم. ” انتهى من “مدارج السالكين” (2 / 1493).
وهذه المراقبة ضرورية لكل مسلم ، لأن بها يتحقق الإخلاص في العبادات وإحسان القيام بها، واتقاء المحرمات.
قال النووي رحمه الله تعالى:
” قوله: ( أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )…
فمقصود الكلام: الحث على الإخلاص في العبادة، ومراقبة العبد ربه تبارك وتعالى في إتمام الخشوع والخضوع وغير ذلك .
وقد ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشيء من النقائص ، احتراما لهم واستحياء منهم، فكيف بمن لا يزال الله تعالى مطلعا عليه في سره وعلانيته ” انتهى
من “شرح صحيح مسلم” (1 / 158).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر: سبب لحفظه في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سره، حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته “انتهى من “مدارج السالكين” (2 / 1492).
وينظر للفائدة ، حول حقيقة المراقبة وثمراتها ، لفضيلة الشيخ الدكتور خالد السبت .
والله أعلم
تعليق