الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

حكم بيع برامج لمراقبة تصرفات الأطفال على الكمبيوتر

السؤال

1) نحن نقوم ببيع البرامج التى يمكن من خلالها مراقبة وتأمين الأطفال حتى عمر بلوغهم فيما يشاهدون على الكمبيوتر ، وكل خطواتهم من قبل الوالدين ؛ لحماية الأطفال والأبناء من مشاهدة محتويات تضر بهم ، وتخالف ما أمر الله به . فهل يشترط تثبيت مثل هذه البرامج على كمبيوتر أو هاتف الطفل بعلمه فقط أم يجوز سرًا ؟ إذا تم تثبيت البرنامج على علم من الطفل فهناك طريقة بسيطة لتعطيل البرنامج لحين جلستهم على الكمبيوتر ،وهي خدمة متاحة يمكن للطفل بها تعطيل عمل البرنامج ومن ثم يفقد البرنامج فائدته . وإذا كان تثبيت البرنامج يتم سرا فهل يدخل هذا في باب التجسس على الأطفال ؟ 2) وهل نحن كبائعين للبرامج مثل هذا مسؤولون عن طريقة استعماله سرا أو علنا ؟ مع العلم أن كل شروط استعماله سوف تكون مكتوبة مع البرنامج . وقد يشتريه كافر لا يلتفت نظره على شروط استعماله ، وسوف يستعمله ضد أي أحد سرا ، فهل نحن كبائعين البرنامج ومسلمين مسؤلون عن ذلك ؟ ماذا يأمرنا الإسلام في هذا الحال ؟ وكيف نجتنب الحرام ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز وضع برنامج لمراقبة تصرفات الأطفال أو الكبار أو الزوجة دون علمهم؛ لأن ذلك من التجسس المنهي عنه.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) الحجرات/12

وروى البخاري (5144) ومسلم (2563) عن أَبُي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ".

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ) رواه الترمذي (2032) وأبو داود (4880).

فالسبيل هنا أن يعلم الوالد أطفاله أنه وضع برنامجا لمراقبة تصرفاتهم على جهاز الكمبيوتر، ولا يلزمه أن يريهم البرنامج، بل له أن يخفيه، أو يختار برنامجا لا يمكن لأطفاله تعطيله.

ويجوز استعمال برنامج يحجب المواقع السيئة ونحوها، ولا يدخل ذلك في التجسس، بل هو منع وحجب لما يخشى منه الفساد والضرر، وهذا يدخل ضمن مسئولية الوالدين.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6.

وعَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (7138) ومسلم (1829).

وروى البخاري (7151) ومسلم (142) عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).

ثانيا:

أما بيع هذه البرامج وغيرها مما يمكن أن يستعمل استعمالا مباحا ومحرما، فالأصل أنه يجوز بيعها والاتجار فيها، إلا إذا عُلم ، أو غَلب على الظن : أن المشتري سيستعملها في الحرام، فلا يجوز بيعها له .

فإن جُهل الحال ، أو حصل التردد : هل سيستعملها في الحرام أم لا، فلا حرج في بيعها له، فإن استعملها في الحرام كان إثم ذلك عليه وحده .

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/109): " كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو يغلب على الظن ذلك : فإنه يحرم تصنيعه ، واستيراده ، وبيعه ، وترويجه بين المسلمين" انتهى.

وينظر: جواب السؤال رقم (101071) ورقم (39744) ورقم (227296).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب