الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم العمل في التسويق لمنظمة صحية من ضمن أعمالها القتل الرحيم للمرضى

285473

تاريخ النشر : 24-03-2018

المشاهدات : 7800

السؤال

عرض علي العمل بالنظام الحر في منظمة غير حكومية تعمل في القطاع الصحي ، وطلبوا مني إجراء بحث ، ووضع استراتيجية تسويق للمنظمة التي تركز في عملها على إيجاد العلاح للأشخاص الذي يعانون من بعض الأمراض العضوية المعينة ، وعندما بدأت العمل على الجزء الأول من المهمة الموكلة لدي وجدت في بعض المنشورات وشاهدت أحد المقاطع التي يتحدثون فيها عن القتل الرحيم ، هم لا يحاولون دفع المريض لاختيار الموت الرحيم ، ولكنه من ضمن الخيارات التي تقترح على المريض الذي يكون في حالته المرضية المتأخرة جدًا ، ويوشك عضوه التوقف عن العمل بشكل كلي ، فعلى سبيل المثال يقولون : إنه يجب على المريض إخبار الطبيب بالطريقة التي يرغبون بالموت فيها ، ومتى يرغبون بحدوث ذلك ، وأنه ينبغي عليهم كتابة وصية تنص على رغبتهم في اختيار خيار الموت الرحيم ، ويتحدثون عن موقفهم المعارض من الأشخاص الذي يختارون هذا الخيار ويتبرعون بأعضاءهم ، لقد انتهيت من الجزء الأول من المهمة ، وحصلت على المال مقابل ذلك العمل ، فما حكم ما فعلت؟ وحكم المال الذي حصلت عليه ، حيث أخشى أن يكون ما فعلت محرمًا ، أو أن المشروع سيتم استخدامه باعتبار أنها مواد تسويقية لجذب المزيد من المرضى الذين قد يقرأون هذه المعلومات عن الموت الرحيم ، مما يجعلني بشكل أو بآخر مساهم في ذلك ؟ وإن كان الحكم عدم الجواز فماذا أفعل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم على المريض استعمال ما يؤدي إلى الموت، من دواء وغيره، ويعد ذلك انتحارا، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا) النساء/29، 30 .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه ، فسمُّه في يده ، يتحساه في نار جهنم ، خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده ، يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ، ومسلم ( 109 ) .

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ، ومسلم ( 110 ) .

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح ، فجزع ، فأخذ سكيناً ، فحز بها يده ؛ فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه ؟! حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ، ومسلم ( 113 ).

ويحرم على الطبيب أو المنظمة إعانة شخص على الانتحار، أو دعوته إليه، أو تسويغه له؛ لما في ذلك من الإعانة على القتل، وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .

وعليه : فما تقوم به هذه المنظمة من الإعانة على القتل الرحيم، وتوجيه المرضى له، وعمل المنشورات والمقاطع المختصة به: منكر عظيم، وجريمة منكرة.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" ( 25/ 85): " أما أولئك الذين يرون أن يلبى طلب المريض في قتل نفسه ، ويعينونه على ذلك من أطباء وغيرهم ؛ فإنهم آثمون ، ونظرتهم قاصرة ، ويدل ذلك على جهلهم ، لأنهم ينظرون إلى حياة الإنسان وبقائه من جهة أن يكون ذا قوة حيوانية ، ذا سلطة وأشر وبطر ، ولا ينظرون من حياته أن يكون متصلاً بربه ، متزوداً بالأعمال الصالحة ، قد رق قلبه لله ، وخضع واستكان ، وتضرع بين يديه سبحانه وتعالى ، فكان أحب وأقرب إلى الله ممن تجبر وطغى ، واستغل قوته الحيوانية فيما يغضب الله .

كما أن الله سبحانه قادر على شفائه ، وما يكون اليوم مستحيلاً في نظر البشر ، قد يكون ميسوراً علاجه مستقبلاً ، بقدرة الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء " انتهى .

ثانيا:

لا يجوز العمل في الدعاية أو التسويق لهذه المنظمة؛ لما يتضمنه ذلك من الدعاية لما تقوم به من العمل المحرم.

وقد ذكرت أنك أنهيت الجزء الأول من عملك، وقبضت المال، فإن كان هذا الجزء الذي انتهيت منه ، يستفاد منه في تسويق أمر المنظمة والدعاية لها : فقد اشتمل عملك على مباح ومحرم، والواجب أن تتوبي إلى الله تعالى، وأن تتخلصي من جزء من المال ، على قدر نسبة المحرم في أعمال المنظمة، وذلك بصرفه في مصالح المسلمين العامة أو إعطائه للفقراء والمساكين.

وينظر: جواب السؤال رقم : (78289) .

وأما العمل في المنظمة، فإن كان في مجال مباح ، لا صلة له بما تقوم به من محرمات، سواء بمباشرتها ، أو الإعانة عليها أو الترويج لها، فلا حرج فيه.

وأما إن كان عملك يستلزم الإعانة على ذلك المحرم ، أو الدعاية له ، أو للمؤسسة ، بكل ما تقوم به : فلا يجوز لك العمل فيها .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب