الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

قصة يوسف بعد وفود أبويه وأهله

345581

تاريخ النشر : 07-09-2022

المشاهدات : 14891

السؤال

أريد معرفة قصة يوسف عليه السلام بعد مجيء يعقوب عليه السلام إليه إلى مدة وفاة نبي الله يوسف عليه السلام؟ وهل صار ملكا كبيرا لمصر بعد وفاة الملك؟ وهل دعا يوسف ويعقوب عليهما السلام الملك إلى توحيد الله سبحانه؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا :

لقد أخبرنا الله تبارك وتعالى بقصة يوسف عليه السلام وما جرى له حتى أنعم الله عليه ، وجمع له أبويه وإخوته ، وأنَّه طلب من الله تعالى أن يتوفاه على الإيمان .

قال يوسف: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ، وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ، فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْأَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف/101.

قال ابْنِ إِسْحَاقَ: " قَالَ يُوسُفُ حِينَ رَأَى مَا رَأَى مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ حِينَ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ، وَرَدَّهُ عَلَى وَالِدِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ وَالْبَهْجَةِ: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا [يوسف: 100] إِلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 100] ثُمَّ ارْعَوَى يُوسُفُ، وَذَكَرَ أَنَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا بَائِدٌ وَذَاهِبٌ، فَقَالَ: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" انتهى من"جامع البيان" الطبري: (13/367).

قال "ابن كثير" في "التفسير" (4/ 414) بتصرف : "هذا دعاء من يوسف الصديق ، دعا به ربه عز وجل ، لما تمت النعمة عليه ، باجتماعه بأبويه وإخوته ، وما من الله به عليه من النبوة والملك، سأل ربه عز وجل، كما أتم نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في الآخرة، وأن يتوفاه مسلما حين يتوفاه، وأن يلحقه بالصالحين، وهم إخوانه من النبيين والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

وهذا الدعاء يحتمل أن يوسف، عليه السلام، قاله عند احتضاره ..

ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا حان أجله، وانقضى عمره؛ لا أنه سأل ذلك منجزًا .

ويحتمل أنه سأل ذلك منجزًا ، وكان ذلك سائغًا في ملتهم " انتهى .

ثانيًا:

لا نعرف من أخبار يوسف عليه السلام ما حصل بعد هذا الدعاء، ولا حاجة بنا إلى معرفته، إذ لو كانت هناك حاجة أو فائدة من معرفة لأخبرنا القرآن عنها.

والأصل أن يكتفي الإنسان بالفوائد والعبر التي أخبرنا الله عنها في هذه السورة العظيمة.

لكن بعض العلماء ذكر أن " في القصة: لما جمع الله شمله وأوصل إليه أبويه وأهله، اشتاق إلى ربه عز وجل، فقال هذه المقالة.

قال الحسن: عاش بعد هذا سنين كثيرة.

وقال غيره: لما قال هذا القول لم يمض عليه أسبوع حتى توفي.

.. وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة ، فدفنوه في النيل في صندوق من رخام .. إلى أن أخرجه موسى فدفنه بقرب آبائه بالشام" انتهى من"تفسير البغوي" (4/282)، بتصرف.

ثالثًا:

ورد في بعض الروايات أن قبر يوسف عليه السلام قد أخرج في عهد موسى عليه السلام. فعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بِأَعْرَابِيٍّ فَأَكْرَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: (يَا أَعْرَابِيُّ سَلْ حَاجَتَكَ) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَاقَةً بِرَحْلِهَا وَأَعْنُزاً يَحْلُبُهَا أَهْلِي. قَالَهَا مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟) فَقَالَ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: (إِنَّ مُوسَى أَرَادَ أَنْ يَسِيرَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأضلَّ عَنِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ لَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ: نَحْنُ نُحَدِّثُكَ أَنَّ يُوسُفَ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوَاثِيقَ اللَّهِ أَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا، قَالَ: وَأَيُّكُمْ يَدْرِي أَيْنَ قَبْرُ يُوسُفَ؟ قَالُوا: مَا تَدْرِي أَيْنَ قَبْرُ يُوسُفَ إِلَّا عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَالَ دُلِّينِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ حَتَّى أَكُونَ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: " وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَالَتْ فَقِيلَ لَهُ: أَعْطِهَا حُكْمَهَا فَأَعْطَاهَا حُكْمَهَا فَأَتَتْ بُحَيْرَةً، فَقَالَتْ: أَنْضِبُوا هَذَا الْمَاءَ. فَلَمَّا نَضَبُوهُ قَالَتِ: احْفِرُوا هَهُنَا فَلَمَّا حَفَرُوا إِذَا عِظَامُ يُوسُفَ، فَلَمَّا أَقَلُّوهَا مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا الطَّرِيقُ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ).

رواه "الحاكم" في "المستدرك" (5/ 51) ط. التأصيل، وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وصححه "الألباني" في "الصحيحة" (1/ 622)، وينظر: "المطالب العالية"، للحافظ ابن حجر (12/249- 251)، وحاشية المحقق.

لكن قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (6/152): "هذا حديث غريب جداً والأقرب أنه موقوف" ، وتابعه عليه الشيخ مقبل الوادعي في "أحاديث معلة ظاهرها الصحة" (268). وحكم بغرابته أيضا: الحافظ الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (2/270). ولعل هذا أقرب في القصة. 

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب