الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

حكم إعطاء الرجل زكاة ماله أو زكاة الفطر أو الكفارة لابنته المتزوجة المحتاجة

السؤال

رجل مريض، وفقير، لا يستطيع الصيام، وأولاده هم من يدفعون له كفارة صيامه وزكاة فطره، فهل يجوز أن تأخذ ابنته المتزوجة ـ وهي أيضا بحاجة ـ زكاة فطره وكفارة صيامه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الأصل أنه لا يجوز أن يعطي الرجل زكاة ماله أو زكاة فطرته أو كفارته لابنته، لأنها لو كانت فقيرة وكان لديه مال، لوجب عليه نفقتها.

لكن استثنى بعض أهل العلم من ذلك صورتين:

الأولى: أن يعطيها لغير وصف الفقر، كما لو كانت مدينة، لتقضي دينها؛ لأن الأب لا يجب عليه قضاء دين ولده.

الثانية: أن يكون عاجزا عن النفقة عليها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "الاختيارات" (ص 104): " ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا - يعني الأجداد والجدات - وإلى الولد وإن سفل - يعني الأحفاد - إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم، وكذا إن كانوا غارمين أو مكاتبين أو أبناء السبيل، وإذا كانت الأم فقيرة ولها أولاد صغار لهم مال ونفقتها تضر بهم أعطيت من زكاتهم " انتهى باختصار.

ثانيا:

إذا أعسر الزوج بالنفقة، فهل تجبُ النفقة على الأب؟ في هذا قولان للعلماء، فذهب المالكية إلى وجوبها عليه.

قال الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (4/204): " (ص) ولا يُسقطها تزويجها من فقير.

(ش) : يعني أن نفقة الأم لا تسقط عن الولد بسبب تزويجها من رجل فقير، أو غني ثم افتقر، فإن وجوده كالعدم، وكذلك من التزم نفقة امرأة، لا يسقطها تزويجها بفقير.

وأما إن تزوجها غني، فتسقط نفقتها عنه، ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك. تقرير.

ومثل الأم في ذلك البنت.

ولو قدر الزوج على بعض النفقة تمّم الابن أو الأب باقيها" انتهى.

وذهب الشافعية إلى عدم وجوبها عليه.

قال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (5/185): " فلو تزوجت [أي الأم أو البنت] سقطت نفقتها بالعقد، ولو كان الزوج معسرا، إلى أن يفسخ؛ لئلا تجمع بين نفقتين" انتهى.

فعلى فرض أن النفقة تجب على الأب لإعسار الزوج، فعلى ما ذهب إليه شيخ الإسلام يجوز للرجل أن يعطي زكاته لابنته إذا كان عاجزا عن الإنفاق عليها، والأولى حينئذ أن يعطيها لزوجها، خروجا من الخلاف.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يصح إخراج الزكاة للابنة المتزوجة المحتاجة ؟

فأجاب : " كل من اتصف بوصف يستحق به الزكاة فالأصل جواز دفع الزكاة إليه.

وعلى هذا ؛ فإن كان الرجل لا يمكنه أن ينفق على ابنته وأولادها، فيدفع الزكاة إليها.

والأفضل والأحوط والأبرأ للذمة: أن يدفعها إلى زوجها " انتهى.

وسئل أيضا : هل يجوز أن أدفع من زكاة مالي لبناتي المتزوجات، علماً بأنهن فقراء ؟

فأجاب : " ذكر العلماء : أن الإنسان لا يدفع الزكاة إلى ذريته ، ولا لآبائه ، ولا لأمهاته ، أي : لا أصوله ولا فروعه ، وهذا إذا كانت تدفع إليه من أجل دفع الحاجة ، أما إذا كانت عليهم ديون ليس سبيلها النفقة، فيجوز دفعها إليهم ؛ لأنه لا يلزمه قضاء ديونهم ، ولذلك لا يكون دفع زكاته لهم توفيراً لماله .

وخلاصة الجواب: أن هذا الرجل الذي عنده بنات متزوجات وأزواجهن فقراء: إذا لم يكن عنده مال يتسع للإنفاق عليهن، فلا بأس أن يدفع زكاته إليهم، وليدفع المال إلى الأزواج؛ لأنهم هم المسؤولون عن الإنفاق، فلا بأس بذلك على كل حال" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ 426).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب