الحمد لله.
الأحاديث التي يتفرد الشيعة بروايتها لا عبرة بها؛ لأنهم لا يعتنون بشروط صحة الحديث، بل تعمد الكذب فيهم مشهور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وأما الحديث فهم من أبعد الناس عن معرفته: لا إسناده ولا متنه، ولا يعرفون الرسول وأحواله، ولهذا إذا نقلوا شيئا من الحديث كانوا من أجهل الناس به، وأي كتاب وجدوا فيه ما يوافق هواهم نقلوه، من غير معرفة بالحديث " انتهى. "منهاج السنة" (6 / 379 – 380).
لكن ثبت كثرة الموت في آخر الزمان، وذكر ذلك ضمن أشراط الساعة، دون ذكر لهذا القائم المزعوم، من قريب أو من بعيد.
فروى البخاري في "صحيحه" (3176) أن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: ( اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ) .
وقوله: ( مُوْتَانٌ ) : أي موت كثير الوقوع.
والظاهر أن ذلك الموت الشديد إنما يكون في الناس بسبب الفتن التي تقع في آخر الزمان.
ففي المسند أيضا (16964) من حديث سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ رضي الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث عن أحوال آخر الزمان: ( وَسَتَأْتُونَ أَفْنَادًا يُفْنِي بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَبَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مُوتَانٌ شَدِيدٌ، وَبَعْدَهُ سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ ) . والحديث: إسناده صحيح، كما ذكر محققو طبعة الرسالة.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ ) رواه البخاري (1036).
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَكُونُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا ظَهَرَ الخُبْثُ ) رواه الترمذي (2185).
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: " للحديث شواهد كثيرة تشهد لصحته " انتهى. من "السلسلة الصحيحة" (4 / 393).
ولعل بسبب الفتن والقتل يقل المؤمنون، كما عند مسلم (2945) عن أُمّ شَرِيكٍ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ، قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: هُمْ قَلِيلٌ )، وجاء في رواية عند ابن ماجه (4077): ( فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي الْعَكَرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ ).
قال الشيخ محمد بن علي بن آدم الإتيوبي رحمه الله تعالى:
" ( لَيَفِيرَّنَّ )؛ أي: والله ليهربنّ (النَّاسُ)؛ أي: المؤمنون، (مِنَ الدَّجَّالِ فِي الْجِبَالِ) فرارًا من فتنته، (قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ) رضي الله عنها: (يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ ) قال الطيبيّ -رحمه الله-: الفاء في جواب شرط محذوف إذا كان هذا حال الناس، فأين المجاهدون في سبيل الله تعالى، الذابّون عن حريم الإسلام، المانعون عن أهله صولة أعداء الله، فكنى عنها بها. (قَالَ) النبيّ صلى الله عليه وسلم: (هُمْ)؛ أي: العرب يومئذٍ (قَلِيلٌ)؛ أي: فلا يقدرون عليه، والله تعالى أعلم " انتهى. "البحر المحيط" (44 / 667).
والله أعلم.
تعليق