الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل يجوز وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (سيد الكونين)؟

506269

تاريخ النشر : 19-05-2024

المشاهدات : 5600

السؤال

ما حكم قول سيد الاكوان او سيد الكونين على النبى محمد صلى الله عليه وسلم

الجواب

الحمد لله.

أولا:

جاءت الشريعة بحث المسلم على الابتعاد عن استخدام العبارات الموهمة للغلو في نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن يكتفي بالتعابير الشرعية الواردة في الثناء عليه صلى الله عليه وسلم، فإنه عليه الصلاة والسلام نهى أمته عن الغلو فيه، وعندما قال فيه قوم: "وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا، فَقَالَ:  قُولُوا ‌بِقَوْلِكُمْ، ‌أَوْ ‌بَعْضِ ‌قَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ رواه أبو داود (4806) وصححه الالباني.

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ  رواه البخاري (3445)

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قوله: (لا تطروني): الإطراء، الإفراط في المدح" انتهى من "فتح الباري" (1/79).

ثانيا:

أما هذا التعبير الوارد في السؤال "سيد الكونين"، أو "سيد الأكوان" فلم نقف في النصوص الشرعية وكلام السلف الصالح على التعبير بوصف النبي صلى الله عليه وسلم بها.

ولكن جاء استخدامه عن بعض المتقدمين والمتأخرين من أهل العلم، ومرادهم به أنه صلى الله عليه وسلم سيد أهل الدنيا وأهل الآخرة، أي أفضلهم، وليس السيد بمعنى المالك المتصرف، متأولين قوله صلى الله عليه وسلم:  أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  رواه البخاري (4435) ومسلم (327).

وحديث الشفاعة، وفيه: انْطَلِقُوا إِلَى ‌سَيِّدِ وَلَدِ ‌آدَمَ  رواه أحمد (15).

وممن استعمل هذا التعبير من المتقدمين:

* أبو عبد الله الواقدي (ت ٢٠٧هـ) في كتابه فتوح الشام (1/ 301).

حيث قال: «‌أين ‌من ‌شهد ‌بدرا ‌وحُنينِ، ‌مع ‌سيد ‌الكونين؟

أين من يزيل عن قلبه حجاب الغفلة والرين.

 وافقوا قوما صارت هممهم إلى دار الأزل» انتهى من "فتوح الشام" (1/ 301).

* شهاب الدين محمد بن أحمد الخُوَيِّي الشافعي (المتوفى ٦٩٣ هـ) في كتابه "أقصى الأمل والسُّول في علم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم" حيث قال

عَن ‌سَيِّدِ ‌الكَوْنَيْنِ مِنْ مَقالِ … -صلَّى عليهِ الله- أو فِعَال·          

وسِتَّةٌ قد أكثروا مما رَوَوْا … عن ‌سَيّدِ ‌الكونينِ لكن ما استووا .

(أقصى الأمل والسُّول/ ص: 87، و ص: 244)

* أبو عبد الله محمد بن عبد الدائم بن موسى النعيمي العسقلاني المصري الشافعي (ت ٨٣١ هـ) صاحب كتاب اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (7/ 203) في شرحه لحديث أَبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا بَعَثَ الله نَبيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ". فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ".

(كنت أرعاها) قالَه تواضُعًا، ‌وتَعريضًا ‌بمنَّته ‌تعالى ‌عليه، ‌حيث ‌جعلَه ‌بعد ‌ذلك ‌سيِّد ‌الأكوان - صلى الله عليه وسلم -» انتهى من اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح" (7/ 203).

* وشمس الدين السفاريني الحنبلي في كتابه (المتوفى: ١١٨٨هـ) في كتابه غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 267):

"وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ، وَالرَّسُولُ الْعَظِيمُ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، أَوْ الصَّحَابَةُ أَهْلُ التَّقْوَى وَالْإِصَابَةِ، الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ عِصَابَةٍ، أَوْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، أَوْ الْقَرْنِ الثَّالِثِ الَّذِي نَطَقَ بِفَضْلِهِ ‌سَيِّدُ ‌الْأَكْوَانِ، فِي قَوْلِهِ خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ انتهى من غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 267).

ومن المتأخرين:

* شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (ت ١٢٧٠هـ) في تفسيره:

حيث قال: "ويظهر سر جوامع الكلم التي أوتيها سيد الكونين صلى الله تعالى عليه وسلم" انتهى من "تفسير الالوسي" (1/175).

* ‌‌أبو السمح عبد الظاهر المصري إمام المسجد الحرام في زمنه (ت:1370هـ) قال في نونيته في مدحه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

أحيا لنا الدين الحنيف كما أتى … وأقامه بالسيف والبرهان

برهانه القرآن والسنن التي … تروي لنا عن ‌سيد ‌الأكوان

(انظر كتاب: "الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب" (ص54).

* الشيخ حافظ بن أحمد بن علي الحكمي (المتوفى: ١٣٧٧هـ) في كتابه معارج القبول بشرح سلم الوصول (3/ 1160).

بَايَعَ عَنْهُ ‌سَيِّدُ ‌الْأَكْوَانِ … بِكَفِّهِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ.

وعليه فلا ينكر على من استخدمها تقليدا لهؤلاء العلماء، ومن اكتفى بما ورد في النصوص من ألفاظ فله ذلك والأمر في هذا واسع إن شاء الله.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم  (310708)

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب