كيف يُقتص للكافر من المسلم يوم القيامة إن ظلمه في الدنيا ؟
إن أخطأت في حق رجل غير مسلم ولم يسامحني عما فعلت ، فكيف سيأخذ هذا الرجل حقه مني يوم القيامة فحسناتي لن تنجيه من النار ؟
ملخص الجواب:
والحاصل :
أن قيام العدل وانتفاء الظلم حاصل يوم القيامة ، فيقتص الله لكل أصحاب المظالم من
ظالميهم : مسلمين كانوا أو كافرين ، والله أعلم بكيفية هذا القصاص .
وينظر للاستزادة جواب السؤال رقم : (100981).
والله تعالى أعلم .
الجواب
الحمد لله.
يوم القيامة يوم الجزاء الحق ، يوم قيام العدل ، وانتفاء الظلم والهضم ، قال تعالى
: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى
بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء/47 .
وقال عز وجل : (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ
الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) غافر/ 17.
وقال عز وجل : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ
تَخْتَصِمُونَ) الزمر/ 31 .
قال الطبري رحمه الله : " يقول: ثم إن جميعكم ، المؤمنين والكافرين ، يوم القيامة
عند ربكم تختصمون ؛ فيأخذ للمظلوم منكم من الظالم ، ويفصل بين جميعكم بالحقّ " .
انتهى من "تفسير الطبري" (21/287) .
وروى أحمد (16042) – بإسناد حسن كما ذكر العراقي - عن عبد الله بن أنيس رضي الله
عنه قال : " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ
عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ ، وَلَا
يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ
مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقّ ٌ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ ، حَتَّى
اللَّطْمَةُ ) .
قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلًا
بُهْمًا؟
قَالَ: ( بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ) " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فَبَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ الْعَدْلَ
وَالْقِصَاصَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (18/188).
فثبت بذلك أن أصحاب المظالم يقتص لهم من ظالميهم يوم القيامة ، سواء كان الظالم
مسلماً أو كافرا .
أما كيفية القصاص للكافر من المسلم الظالم : فعلم ذلك عند الله .
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
الكافر يقتص له من المسلم ، فكيف ذلك ، هل يخفف له من العذاب؟
فأجاب :
" الله أعلم ، المهم أن القصاص يجري يوم القيامة بين الناس من باب إقامة العدل ،
أما كيف يقتص : فالله أعلم " انتهى .
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/6537
وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك - حفظه الله تعالى - فقال:
" نؤمن بعدل الله ، وأن الله سينصف كل مظلوم من ظالمه مؤمناً كان أو كافراً ، على
سبيل الإجمال ، ولسنا مطالبين بتكييف الأمور على وجه التفصيل ، ولا ندخل في دقائق
وتفاصيل أمور الغيب .
ويقال للسائل : إن لم يتيسر له طلب المسامحة من هذا الكافر ، فيدعو له بالهداية ،
ويتصدق عنه فربما ينتفع بهذا في دنياه " انتهى .