نحن نعيش في منطقة منعزلة جدًا، ويتردد عليها كثيرٌ من الأفاعي الخطيرة والسامة ، ونحن عائلة تتكون من 14 فردًا؛ 8 بالغين، و6 أطفال، وأخشى على سلامتهم، وكثيرًا ما اتصلنا بوحدات إنقاذ الحياة البرية في كل مرة تحيط بنا الأفاعي، ولكنهم لا يأتون إلا إذا كانت الأفاعي في المنزل، ويرفضون المجيء إذا كانت الأفاعي بالخارج أو في المناطق المفتوحة. وأسئلتي كالتالي:
هل يمكنني قتل هذه الافاعي بدافع سلامة أفراد العائلة فحسب؟ وأعلم أن الجن تظهر على هيئة أفاعي، فما حكم قتلهم؟ هل صحيحٌ أن قتل الجن المتمثلين في هيئة أفاعي يجلب سوء الحظ؟ أرجو ملاحظة أننا أنفقنا المال من أجل تنظيف وتمهيد الأراضي المجاورة الشاغرة، ورششناها بمواد كيميائية لإبعاد الأفاعي والقوارض، ولكن ذلك لم يجدي نفعًا.
لا حرج في قتل الحيات التي تكون خارج البيت، أما ما يوجد داخل البيت فلا تقتل حتى تنذر ثلاثا. وأما القول بأن قتل الجن الذين يظهرون في صورة الحيات والأفاعي يجلب سوء الحظ فقول باطل لا أصل له.
الحمد لله.
أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات، وهذا عام في جميع الحيات، وفي أي مكان. إلا أن الحية إذا كانت داخل البيت فإنها لا تقتل حتى تنذر ثلاثا، وذلك لاحتمال أن تكون من الجن، فإن ظهرت بعد ذلك قتلت.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ” أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَلَبِثْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا ” رواه البخاري (3299)، ومسلم (3233).
وروى أبو داود (5249) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ، فَمَنْ خَافَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنِّي وصححه الألباني في “صحيح أبي داود ”
وروى مسلم (2233) عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: “كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَوْمًا عِنْدَ هَدْمٍ لَهُ، فَرَأَى وَبِيصَ جَانٍّ، فَقَالَ: اتَّبِعُوا هَذَا الْجَانَّ فَاقْتُلُوهُ، قَالَ أَبُو لُبَابَةَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ، إِلَّا الْأَبْتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُمَا اللَّذَانِ يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ، وَيَتَتَبَّعَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ “.
وروى مسلم (2236) عن أبي السَّائِبِ، قَالَ: ” دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ سَمِعْنَا تَحْتَ سَرِيرِهِ حَرَكَةً، فَنَظَرْنَا فَإِذَا حَيَّةٌ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ .
قال ابن عبد البر رحمه الله:
” قَالَ قَوْمٌ: لَا يَلْزَمُ أَنْ تُؤْذَنَ الْحَيَّاتُ وَلَا تُنَاشَدْنَ وَلَا يُحَرَّجَ عَلَيْهِنَّ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً.
وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَدِينَةُ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، لِأَنَّ مِنَ الْحَيَّاتِ جِنًّا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُنَّ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَنْ يُسْلِمَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُنّ،َ قَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُنْذَرَ عَوَامِرُ الْبُيُوتِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا تُنْذَرَنَّ فِي الصَّحَارِي.
قَالَ ابن عبد البر:
الْأَوْلَى أَنْ تُنْذَرَ عَوَامِرُ الْبُيُوتِ كُلِّهَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ. وَالْإِنْذَارُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي يَرَى الْحَيَّةَ فِي بَيْتِهِ: أُحَرِّجُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْحَيَّةُ أن تظهر لَنَا أَوْ تُؤْذِينَا.” انتهى من “التمهيد” (16/ 263)
وقال ابن عبد البر رحمه الله:
” أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ حَيَّاتِ الصَّحَارِي، صِغَارًا كُنَّ أَوْ كِبَارًا، أَيَّ نَوْعٍ كَانَ الْحَيَّاتُ.” انتهى من “التمهيد” (16/ 28)
فلا حرج عليكم في قتل الحيات التي تكون خارج البيت، أما ما يوجد داخل البيت فلا تقتل حتى تنذر ثلاثا. وأما القول بأن قتل الجن الذين يظهرون في صورة الحيات والأفاعي يجلب سوء الحظ: فقول باطل لا أصل له.
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 132566، 163832، 147632، 278818، 138842، 387990، 109424.
والله تعالى أعلم.