ما صحة حديث (لكع بن لكع)؟ وكم لفظ رُوِي فيه؟ وما شرحه؟
الحمد لله.
روى الترمذي (2209)، وأحمد (23303) عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ وحسنه الترمذي، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقوله: (لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ) هو اللئيم الخسيس، في ذات نفسه، وفي حسبه ونسبه، قال في "النهاية" (4/ 268):
" اللُّكَع عِنْدَ الْعَرَبِ: العَبد، ثُمَّ اسْتُعمِل فِي الحُمق والذَّم. يُقَالُ للرجُل: لُكَعُ، وَلِلْمَرْأَةِ لَكَاعِ. وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النِّدَاءِ، وَهُوَ اللَّئيم. وَقِيلَ: الوَسخ، وَقَدْ يُطْلق عَلَى الصَّغِيرِ، فإنْ أُطْلِق عَلَى الْكَبِيرِ أُرِيد بِهِ الصَّغيرُ العلم والعقل " انتهى..
وقال الطحاوي رحمه الله: " لَا اخْتِلَافَ فِي تَأْوِيلِهِ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّهُ الْعَبْدُ أَوِ اللَّئِيمُ " انتهى من"شرح مشكل الآثار" (5/ 295)
وقال المناوي: " أَي لئيم أحمق دنئ، ابْن لئيم أحمق دنئ " انتهى من "التيسير" (2/ 498)
وقال ابن بطال رحمه الله: " يعنى العبيد والسَّفَلة من الناس " انتهى من "شرح صحيح البخارى" (1/ 116)
وقال القاري رحمه الله: " أَيْ: لَئِيمُ ابْنُ لَئِيمٍ، أَيْ: رَدِيءُ النِّسَبِ دَنِيءُ الْحَسَبِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ وَلَا يُحْمَدُ لَهُ خُلُقٌ " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (8/ 3362)..
وقوله: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا..
قال المناوي رحمه الله: " أي: أحظاهم بطيباتها " انتهى من "فيض القدير" (6/ 417)
وقال الصنعاني رحمه الله: "أي: حتى تصير الدنيا، من مالها ورياستها وجاهها، للكع ابن لكع، أي يصير رؤوس الناس اللئام، لحقارة شأنها عند الله تعالى، ولأنه يقل الكرام، وتغلب اللئام، وهو من أعلام النبوة " انتهى من "التنوير" (11/ 96)
ومثله ما رواه الإمام أحمد (8320) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَصِيرَ لِلُكَعِ ابْنِ لُكَعٍ وحسنه محققو المسند.
وروى الإمام أحمد أيضا (23651) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الدُّنْيَا لُكَعُ بْنُ لُكَعٍ وصححه محققو المسند.
وعند البخاري (4777)، ومسلم (10) واللفظ له، في حديث جبريل: .... وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الْأَرْضِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا
قال الحافظ رحمه الله: " قَوْله: (الصُّمُّ الْبُكْمُ): قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ، مُبَالَغَةً فِي وَصْفِهِمْ بِالْجَهْلِ، أَيْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَسْمَاعَهُمْ وَلَا أَبْصَارَهُمْ فِي الشَّيْءِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، وَإن كَانَت حواسهم سليمَة..
قوله: (رُؤُوس النَّاسِ): أَيْ مُلُوكُ الْأَرْضِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَبَدُّلِ الْحَالِ بِأَنْ يَسْتَوْلِيَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ عَلَى الْأَمْرِ، وَيَتَمَلَّكُوا الْبِلَادَ بِالْقَهْرِ، فَتَكْثُرُ أَمْوَالُهُمْ وَتَنْصَرِفُ هِمَمُهُمْ إِلَى تَشْيِيدِ الْبُنْيَانِ وَالتَّفَاخُرِ بِهِ.. وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ..
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: لَا تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونُ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ وَمِنْهُ: إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ -أَيْ أُسْنِدَ- إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرُوا السَّاعَةَ " انتهى مختصرا من"فتح الباري" (1/ 123)
والحاصل: أن من علامات الساعة تغلب أهل الخسة واللؤم والفساد على البلاد، فيتملكونها بالقهر والغلبة، ويسوسون الناس بالجهل والهوى، ويكون هذا الصنف من الخلق: هم أسعد الناس بالدنيا، وأعظمهم حظا فيها، ومكانة عند أهلها ؛ وذلك لدروس معالم النبوة، وانتشار الجهل، وذهاب العلم والعلماء والصلحاء، أو ندرتهم.
ولمزيد الفائدة، ينظر هذه الأجوبة: 78329، 118597، 240099 ، 91794، 417383، 426897، 326514، 336626.
والله تعالى أعلم.