الحمد لله.
أولا :
صح في فضائل سورة ( طه ) الأحاديث الآتية :
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال في بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالْأَنْبِيَاءُ : ( هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي )
رواه البخاري (4994)
قال البيهقي في “شعب الإيمان” (2/476) :
” ( العِتاق ) : جمع عتيق ، والعرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا ، يريد تفضيل هذه السور لما تضمنت من ذكر القصص وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة السلام وأخبار الأمم ، و ( التِّلاد ) : ما كان قديما من المال ، يريد أنها من أوائل السور المنزلة في أول الإسلام لأنها مكية ، وأنها من أول ما قرأه وحفظه من القرآن ” انتهى .
ويقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (8/388) :
” ( مِنَ العِتَاقِ ) جمع عتيق وهو القديم ، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة ، وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث ، وقوله ( هُنَّ مِن تِلَادِي ) أي : مما حفظ قديما ، والتلاد قديم الملك ، وهو بخلاف الطارف ، ومراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن ، وأن لهن فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم ” انتهى .
2- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي ” البَقَرَةِ ” وَ ” آلِ عِمرَانَ ” وَ ” طَهَ ” )
رواه ابن ماجه (3856) والحاكم (1/686) وحسنه الألباني في “السلسلة الصحيحة” (746) وقال رحمه الله :
” قول القاسم بن عبد الرحمن ( الراوي عن أبي أمامة ) أن الاسم الأعظم في آية ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) من سورة ( طه ) لم أجد في المرفوع ما يؤيده ، فالأقرب عندي أنه في قوله في أول السورة ( إني أنا الله لا إله إلا أنا..) فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة ، فانظر “الفتح” (11/225) ، و “صحيح أبي داود” (1341) ” انتهى .
ثانيا :
جاء في فضائل سورة طه أحاديث ضعيفة واهية ، أذكرها هنا للتنبيه عليها ، ولتحذير الناس منها :
1- عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تبارك وتعالى قرأ ” طه ” و ” يس ” قبل أن يخلق السماوات والأرض بألف عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل هذا عليها ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا )
رواه الدارمي (2/547) وقال المحقق : إسناده ضعيف جدا ، عمر بن حفص بن ذكوان قال أحمد : تركنا حديثه وحرقناه . وفي “المعجم الأوسط” (5/133) ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (1/208) : هذا متن موضوع . وكذا قال ابن الجوزي في “الموضوعات” (1/110) ، وقال ابن كثير في “تفسير القرآن العظيم” (5/271) : فيه نكارة . وقال الألباني في “السلسلة الضعيفة” (1248) : منكر . وانظر “الكامل” (1/216) ، و “لسان الميزان” (1/114)
2- عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( اعملوا بالقرآن ، أحِلُّوا حلاله ، وحرموا حرامه ، واقتدوا به ، ولا تكفروا بشيء منه ، وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي الأمر من بعدي كَيْمَا يخبروكم ، وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم ، ولْيَسَعكم القرآن وما فيه من البيان ؛ فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ، ألا ولكل آية نور يوم القيامة ، وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت ” طه ” و ” طواسين ” و ” الحواميم ” من ألواح موسى ، وأعطيت فاتحة الكتاب من تحت العرش )
رواه الحاكم في “المستدرك” (1/757) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه . والطبراني في “المعجم الكبير” (20/225) وضعفه الألباني في “السلسلة الضعيفة” (2826) وابن حبان في “المجروحين” (2/65)
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه :
( يا رب ” طه ” و ” يس ” ويا رب القرآن العظيم )
قال ابن تيمية رحمه الله “مجموع الفتاوى” (5/173-174) :
” لا خلاف بين أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انتهى .
4- ( من قرأ ” طه ” أعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار )
ذكره الزمخشري والبيضاوي في فضائل سورة طه ، وهو من الأحاديث الموضوعة .
انظر “الكشف الإلهي” للطرابلسي (1/178)
وأما ما سألت عنه من فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات فلم أجده في كتب السنة ، بل لم أجده حتى في كتب الموضوعات ، ولم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فينبغي التنبه والحذر ، والحرص على العمل بالصحيح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونبذ الضعيف والموضوع .
والله أعلم .
تعليق