الحمد لله.
حكم الشك في انتقاض الوضوء
إذا توضأ الإنسان ثم شك في انتقاض وضوئه، فلا يلتفت للشك؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.
روى البخاري (137) ومسلم (361) عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا، وروى مسلم (362) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا.
وقد أحسنت في عدم إعادة الوضوء، وينبغي أن تثبت على ذلك، فإنه خير ما تعالج به الوسوسة، واعلم أنك بذلك لا تعد مقصرا ولا مفرطا في صلاتك، بل أنت فاعل ما هو مطلوب منك شرعا.
ولكن العهد الذي أخذته على نفسك -أنك لن تعيد وضوء ولا صلاة حتى إذا تيقنت خروج ريح- غير صحيح. فإذا حصل اليقين بخروج ريح فقد انتقض الوضوء، كما دل على ذلك الحديث الذي ذكرناه آنفاً.
فتوى العلماء حول خروج الريح بدون صوت أو رائحة
ونحن نضع بين يديك بعض فتاوى أهل العلم لتزداد يقينا وثباتا.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: الإنسان في معدته تنفس كثير ربما غازات ولكن وضوءه لم يتممه إلا بمشقة، مثلاً يصل إلى الوجه فيحس حساً رقيقة ويخاف في نقص الوضوء ثم يبدأ الوضوء من جديد وكذلك في الصلاة عندما يصلي فيحس كذا بدون أن يشم رائحة ما الحل لهذا؟
فأجابوا: “هذه الوسوسة من الشيطان ليفسد بها على المسلم عبادته، والواجب تركها وألا يخرج المسلم من صلاته أو يعيد وضوءه إلا إذا سمع صوتاً أو وجد ريحاً؛ لما روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، والمقصود أن يتحقق خروج الحدث ومتى بقي معه أدنى شك فطهارته صحيحة” انتهى. (الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود. “فتاوى اللجنة الدائمة” (5/226)
وسئلوا أيضاً (5/256): إذا كان الشخص متوضئاَ فسمع داخل بطنه صوت رياح ولكن هذه الرياح لم تخرج من فتحة الشرج فما الحكم هل يبقى متوضئاً أم ينتقض وضوؤه؟
فأجابوا: “إذا كان الشخص متوضئاً وسمع بداخل جوفه صوت رياح فإنه لا ينتقض وضوؤه بذلك إذا لم يخرج شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً رواه مسلم.” انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: أشكو من مرض مزمن في القولون، ويتسبب عن ذلك خروج روائح، وخاصة أثناء الصلاة، ولكثرة حدوث ذلك أصبحت أشك في صلاتي حتى ولو شممت رائحة من أي مصدر آخر توهمت أنها مني، فماذا أفعل أثناء الصلاة؟ وهل يجب علي أن أتوضأ حين حدوث الشك؟ وهل يجوز أن أكون إماما في حالة أن المأمومين لا يجيدون القراءة؟
فأجاب: “الأصل: بقاء الطهارة، والواجب عليك إكمال الصلاة، وعدم الالتفات إلى الوسوسة، حتى تعلم يقينا أنه خرج منك شيء بسماع الصوت أو وجود الريح التي تتحقق أنها منك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا متفق على صحته ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (10/121).
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: أحس بغازات كثيرة، فمثلاً أثناء الوضوء أشك هل خرج مني شيء أم لا ثم أعيد الوضوء مرة ومرتين تقريبًا، فهل هذا طبيعي، وما الحكم؟
فأجاب: “ما يحدث لبعض الناس من الإحساس بخروج ريح أثناء الصلاة ونحوها، الغالب أنه وهم لا حقيقة له، وفي الحديث: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحاً “انتهى من “فتاوى إسلامية”.
وننصحك بمراجعة الطبيب في شأن هذه الغازات، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء، وذلك ليستريح بالك، وتطمئن نفسك.
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك وأن يذهب عنك ما تجد.
والله أعلم.
تعليق