الحمد لله.
لم ترد الشريعة بالتقرب إلى الله تعالى بالسجود إلا إذا كان السجود في الصلاة ، أو لسبب خاص كسجود السهو أو سجود التلاوة ، أو سجود الشكر .
أما السجود من أجل الدعاء فلم يرد في الشرع ما يدل على جوازه أو استحبابه ، بل الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المتواترة الكثيرة أنه كان يرفع يديه عند الدعاء ، وحث على ذلك ورَغَّب فيه ، فقال : (إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا) رواه أبو داود (1488) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فيكون السجود من أجل الدعاء بدعة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولأنه يضيع السنة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي رفع اليدين عند الدعاء .
وقد أنكر العلماء هذا السجود المفرد ونهوا عنه ، فقد ذكره أبو شامة رحمه الله في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص62، 63) وقال : "قال إمام الحرمين أبو المعالي ذكر صاحب التقريب عن بعض الأصحاب أن الرجل لو خضع لله تعالى فسجد من غير سبب فله ذلك . قال : وهذا لم أره إلا له ، وكان شيخي يكره ذلك ، واشتد نكيره على من يفعل ذلك . قال : وهو الظاهر عندي .
قال أبو حامد الغزالي : كان الشيخ أبو محمد رحمه الله تعالى يشدد النكير على فاعل ذلك ، وهو الصحيح ، وقال في كتاب النذر : ولم يذهب أحد إلى أن السجدة وحدها تلزم بالنذر فإنها ليست عبادة مقرونة بسبب ، كالتلاوة .
قال إمام الحرمين : وكان شيخي يقطع بأن السجدة مفردة لا تلزم بالنذر ، وإن كان التالي يسجد ، فإن السجدة مفردة من غير سبب ليست قربة على الرأي الظاهر .
وقال صاحب التتمة : جرت عادة بعض الناس بالسجود بعد الفراغ من الصلاة يدعو فيه ، قال : وتلك سجدة لا يعرف لها أصل ، ولا نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه ، والأولى أن يدعو بالصلاة لما روي من الأخبار فيه . والله أعلم .
قلت (أبو شامة) : ولا يلزم من كون السجود قربة في الصلاة أن يكون قربة خارج الصلاة ، كالركوع . قال الفقيه أبو محمد : لم ترد الشريعة بالتقرب إلى الله تعالى بسجدة منفردة لا سبب له" انتهى .
وينظر السؤال رقم (98156)
تعليق