الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

أحبته وأرادته زوجا ، فعارضه أبواه ، فتركها ، فلامت ربها ؟!

145115

تاريخ النشر : 22-03-2010

المشاهدات : 11683

السؤال

قالت لي صديقة أختي أن زميلا لها طلب يدها للزواج أيام الجامعة ولكنها رفضت في البداية ولكنها لم ترد أن تفقده لأنه كان تقيا. وقالت إنه كان يصلي بانتظام وسألت الله تعالي أنه لو أتي الجامعة يرتدي قميصا برتقاليا فإنها تكون علامة من الله بقبوله زوجا لها. وإذا ما أتاها في وقت ما وتحدث إليها بطريقة ما فإنها تعتبر ذلك إيجابا. وحدث ما أرادت وظلت تكلمه طوال العامين الماضيين ولكن أبويه الآن يرفضان الأمر وهو يريد تركها بسبب والديه ولقد بكت أختي كثيرا ومرضت وثارت ثائرتها ولامت الله فماذا أفعل؟ وكيف تكون مشورتي لها؟ فهل هذا من الشيطان؟

الجواب

الحمد لله.

هذا لا شك من الشيطان ، ومن جراء الاختلاط المحرم في الجامعات وغيرها ، ولو التزم كل مسلم ومسلمة ما أمر الله به من العفة والحشمة وحسن الخلق لما أصاب الناس في دينهم ودنياهم ما أصابهم .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" الطالب في الجامعات والمدارس المختلطة يجب عليه أن يحذر ذلك ( يعني الاختلاط ) وأن يلتمس مدرسة وجامعة غير مختلطة ; لأن وجود الشباب بجوار الفتيات وسيلة لشر عظيم , وفساد كبير , والواجب على المؤمن عند الابتلاء بهذه الأمور أن يتقي الله حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا , وأن يغض بصره , ويحذر من النظر إليها أو إلى محاسنها ومفاتنها , بل يلقي بصره إلى الأرض , ولا ينظر إليها , ومتى صادف شيئا من ذلك غض بصره " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (5 / 313)

وراجعي أدلة تحريم الاختلاط في إجابة السؤال رقم : (1200) ، ورقم (8872) .

- وكان من عاقبة هذه المخالفة ما يقع فيه كثير من الشباب والشابات من العلاقات المحرمة كالعشق والمصاحبة ومقدمات الفواحش .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله :

" عشق الأجنبية فيه من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ، وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبها ، ثم قد تفسد عقله ثم جسمه " انتهى . "مجموع الفتاوى " (10/132)

وينظر جواب السؤال رقم : (((((22715) ، (82010) .

- ومما يورثه العشق من معان فاسدة فساد مادة القلب ، ونزول الإرادة لشهوة هذا القلب المريض ، وتحصيل الرغبة المتوهمة بالوسائل المحرمة ، وزلزلة اليقين بالله ، وسوء الظن به عند عدم حصول الملائم .

فقول الفتاة : لو أتي الجامعة يرتدي قميصا برتقاليا فإنها تكون علامة من الله على قبوله زوجا ... ، إلخ ما ذكرته في قصتها ، يقال فيه : ما علاقة قبول الزوج أو عدم قبوله بلون اللباس الذي يلبسه ، أو مجيئه للجامعة ، أو عدم مجيئه ، إن ذلك أقرب إلى أعمال الشعوذة والكهانة ، أو الاستقسام بالأزلام !!

وإنما المشروع في حق كل مسلم أنه متى وقع في قلبه شيء مما يريده أو يهم به ، خاصة في الأمور التي لها أهمية وخطر في حياته ، المشروع له أن يستخير الله فيه ، ويخلص اللجوء إلى ربه ، ويطلب منه الهدى والتوفيق لما فيه الخير ، وأن يفوض أمره إلى الله ، ويرضى بما قسمه له وقضاه .

وينظر في صلاة الاستخارة : إجابة السؤال رقم : (11981) .

- وأما ما ذكر في السؤال من أن هذه الفتاة قد لامت ربها ؛ فهو أشنع ما ورد ذكره عنها ، نسأل الله أن يهديها ، ويصلح شأنها ، ويلهمها التوبة النصوح .

هلا لامت الفتاة نفسها على أنها تعلقت بشاب أجنبي عنها ، ودخلت معه في علاقة محرمة في الشرع ؟

هلا لامت نفسها على أنها لم تفوض الأمر لربها ، علام الغيوب ، وتصدق في طلب الخير منه؟!

وقد قال علي رضي الله عنه : لا يلومن عبد إلا نفسه ، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه!

فلتحسن الظن بربها ، فهو أهل الجميل والفضل والعطاء ، فإن لامت فلا تلومن إلا نفسها الأمارة بالسوء ، ولتخش على دينها وفساد اعتقادها ، وهلاكها دنياها وأخراها : إن هي أساءت الظن بربها ، ولامت الرحيم الكريم ، ذا الجلال والإكرام ، الذي هو أهل الثناء والمجد ، والتقوى والمغفرة ، على أمر هي جاهلة بعاقبته ، ولا تدري أين يكون الخير من الشر .

وإنما يقال في ذلك وأمثاله : الحمد لله ، وقدر الله وما شاء فعل ، وأشباه ذلك من كلام أهل الرضا بالله وعن الله . قال الله عز وجل :

 ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة / 216 .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) .

رواه مسلم (2999) .

قال ابن القيم رحمه الله : " العبد لا يريد مصلحة نفسه من كل وجه ، ولو عرف أسبابها ، فهو جاهل ظالم ، وربه تعالى يريد مصلحته ، ويسوق إليه أسبابها ، ومن أعظم أسبابها : ما يكرهه العبد ؛ فإن مصلحته فيما يكره ، أضعاف أضعاف مصلحته فيما يحب " انتهى .

"مدارج السالكين" (2/ 205)

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب