الأربعاء 19 جمادى الأولى 1446 - 20 نوفمبر 2024
العربية

ليس في النساء نبيِّات ولا رسولات ، وبيان الحِكَم الجليلة في ذلك

158044

تاريخ النشر : 06-02-2011

المشاهدات : 154155

السؤال

لماذا كل أنبياء اليهودية والمسيحية والإسلام من الرجال ؟ ولماذا لم يكن نبي امرأة ؟ ولماذا تحتم أن يكونوا ذكوراً ؟ . شكراً .

الجواب

الحمد لله.

أولاً:
لا يتردد المسلم في الإيمان بعظيم حكمة الله تعالى في أفعاله ، فمن أسمائه عز وجل " الحكيم " ، ومن صفاته " الحكمة " .
وقد حكم الله تعالى بأن من صفات المرسَلين : الذكورة ، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماعَ على ذلك ، وله تعالى في ذلك أعظم الحكَم .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - :
"ومن الكمال الذي حباهم به : أنه اختار جميع الرسل الذين أرسلهم من الرجال ، ولم يبعث الله رسولاً من النساء ، يدلُّ على ذلك : صيغة الحصر التي وردت في قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم ) الأنبياء/ 7 .
الحكمة من كون الرسل رجالاً :
كان الرسل من الرجال دون النساء لحكَم يقتضيها المقام ، فمن ذلك :
1. أنّ الرسالة تقتضي الاشتهار بالدعوة ، ومخاطبة الرجال والنساء ، ومقابلة الناس في السرّ والعلانية ، والتنقل في فجاج الأرض ، ومواجهة المكذبين ومحاججتهم ومخاصمتهم ، وإعداد الجيوش وقيادتها ، والاصطلاء بنارها ، وكل هذا يناسب الرجال دون النساء .
2. الرسالة تقتضي قوامة الرسول على من يتابعه ، فهو في أتباعه الآمر الناهي ، وهو فيهم الحاكم والقاضي ، ولو كانت الموكلة بذلك امرأة : لَمْ يتم ذلك لها على الوجه الأكمل ، ولاستنكف أقوام من الاتباع والطاعة .
3. الذكورة أكمل ، ولذلك جعل الله القوامة للرجال على النساء ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) النساء/ 34 ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ النساء ( ناقصات عقل ودين ) .
4. المرأة يطرأ عليها ما يعطلها عن كثير من الوظائف والمهمات ، كالحيض والحمل والولادة والنفاس ، وتصاحب ذلك اضطرابات نفسية وآلام وأوجاع ، عدا ما يتطلبه الوليد من عناية ، وكل ذلك مانع من القيام بأعباء الرسالة وتكاليفها" .انتهى من" الرسل والرسالات " ( ص 84 ، 85 ) .

 

ثانياً:
أما النبوَّة : فقد ذهب بعض العلماء كأبي الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم إلى وجود نبيَّات من النساء ! ومنهن مريم بنت عمران ، ودليلهم ما جاء من آيات فيها بيان وحي الله تعالى لأم موسى – مثلاً - ، وما جاء من خطاب الملائكة لمريم عليها السلام ، وأيضاً باصطفاء الله تعالى لها على نساء العالَمين .
وهذا الذي قالوه لا يظهر رجحانه .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - :
"وهذا الذي ذكروه لا ينهض لإثبات نبوة النساء ، والرد عليهم من وجوه :
الأول : أنّا لا نسلِّم لهم أن النبيَّ غير مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس ، والذي اخترناه : أن لا فرق بين النبيّ والرسول في هذا ، وأنَّ الفرق واقع في كون النبي مرسل بتشريع رسول سابق .
وإذا كان الأمر كذلك : فالمحذورات التي قيلت في إرسال رسول من النساء قائمة في بعث نبي من النساء ، وهي محذورات كثيرة تجعل المرأة لا تستطيع القيام بحقّ النبوة .
الثاني : قد يكون وحي الله إلى هؤلاء النسوة - أم موسى وآسية - إنّما وقع مناماً ، فقد علمنا أنّ من الوحي ما يكون مناماً ، وهذا يقع لغير الأنبياء .
الثالث : لا نسلِّم لهم قولهم : إن كل من خاطبته الملائكة فهو نبي ، ففي الحديث أن الله أرسل ملكاً لرجل يزور أخاً له في الله في قرية أخرى ، فسأله عن سبب زيارته له ، فلمّا أخبره أنه يحبّه في الله ، أعلمه أنَّ الله قد بعثه إليه ليخبره أنه يحبّه ، وقصة الأقرع والأبرص والأعمى معروفة ، وقد جاء جبريل يعلم الصحابة أمر دينهم بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يشاهدونه ويسمعونه .
الرابع : لا حجّة لهم في النصوص الدالة على اصطفاء الله لمريم ؛ فالله قد صرح بأنّه اصطفى غير الأنبياء ( ثمُّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذين اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُم ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُم سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ ) فاطر/ 32 ، واصطفى آلَ إبراهيم وآلَ عمران على العالَمين ، ومِن آلِهِما من ليس بنبيّ جزماً ( إِنَّ الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبْرَاهيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ) آل عمران/ 33 .
الخامس : لا يلزم من لفظ الكمال الوارد في الحديث الذي احتجوا به ، النبوة ؛ لأنّه يطلَق لتمام الشيء وتناهيه في بابه ، فالمراد : بلوغ النساء الكاملات النهاية في جميع الفضائل التي للنساء ، وعلى ذلك فالكمال هنا غير كمال الأنبياء .
السادس : ورد في بعض الأحاديث النصّ على أن خديجة من الكاملات ، وهذا يبيِّن أن الكمال هنا ليس كمال النبوة .
انظر الأحاديث في هذا الباب مع شرحها في جواب السؤال رقم ( 7181 ) .
السابع: ورد في بعض الأحاديث أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان من مريم ابنة عمران ، وهذا يبطل القول بنبوة من عدا مريم كأم موسى وآسية ؛ لأنّ فاطمة ليست بنبيَّة جزماً ، وقد نصَّ الحديث على أنها أفضل من غيرها ، فلو كانت أم موسى وآسية نبيتان لكانتا أفضل من فاطمة .
الثامن : وصف مريم بأنها صِدِّيقة في مقام الثناء عليها والإخبار بفضلها ، قال تعالى ( مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَت مِن قَبْلِه الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) المائدة/ 75 ، فلو كان هناك وصف أعلى من ذلك لوصفها به ، ولم يأت في نصّ قرآني ولا في حديث نبويّ صحيح إخبار بنبوة واحدة من النساء .
وقد نقل القاضي عياض عن جمهور الفقهاء أنّ مريم ليست بنبيّة ، وذكر النووي في " الأذكار " عن إمام الحرمين أنّه نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة ، ونسبه في " شرح المهذب " لجماعة ، وجاء عن الحسن البصري : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ " .انتهى باختصارمن" الرسل والرسالات " ( ص 87 – 89 ) .

 

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب