الحمد لله.
أولاً:
لعل سبب الإشكال عند ذلك المسيحي أنه يظن أن الله تعالى لا يخلق الشر ولا الخبيث ولا النجس ، وهذا خلل في أصل الاعتقاد ؛ فالله تعالى خالق كل شيء ، الخير والشر والطيب والخبيث ، وما هو طاهر وما هو نجس ، بل خلق الله تعالى إبليس وهو شر المخلوقات على الإطلاق .
ولكل خلْقٍ من خلقه تعالى حِكَمٌ جليلة ، تقوم بها الحياة ، ويحصل فيها الابتلاء للخلق ،
وانظر جواب السؤال رقم ( 12558 ) ففيه الجواب عن عين مسألتك هذه .
وفي جواب السؤال رقم ( 1239 ) تجد بيان الحكمة من خلق الحيوانات الضارة .
ثانياً:
القول بنجاسة الخنزير والكلب ليس حكماً متفقاً عليه ، وإنما هو قول أكثر العلماء ،
ومن العلماء من يرى طهارتهما ، الإمام مالك ، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية
، وقد فرَّق بعض العلماء بين الكلب والخنزير فقالوا بنجاسة الكلب دون الخنزير ، وهو
قول لبعض الشافعية .
قال أبو إسحق الشيرازي الشافعي - رحمه الله - : " وأما الخنزير فنجس لأنه أسوأ
حالاً من الكلب ؛ ولأنه مندوب إلى قتله من غير ضرر فيه ، ومنصوص على تحريمه ، فإذا
كان الكلب نجساً فالخنزير أولى " . انتهى .
قال النووي رحمه الله معلِّقاً على قول الشيرازي سابقاً : " نقل ابن المنذر في كتاب
" الإجماع " إجماع العلماء على نجاسة الخنزير ، وهو أولى ما يحتج به لو ثبت الإجماع
، ولكن مذهب مالك طهارة الخنزير مادام حيّاً ، وأما ما احتج به المصنف [يعني :
الشيرازي] فكذا احتج به غيره ولا دلالة فيه ، وليس لنا دليل واضح علي نجاسة الخنزير
في حياته " انتهى من " المجموع " ( 2 / 568 ) .
وعكسه آخرون فقالوا بطهارة الكلب دون الخنزير ، وهو قول لبعض الحنفية .
قال الكاساني الحنفي – رحمه الله - : " وأما الكلب : فالكلام فيه بناء على أنه نجس
العين أم لا ، وقد اختلف مشايخنا فيه ، فمَن قال إنه نجس العين فقد ألحقه بالخنازير
فكان حكمه حكم الخنزير ، ومَن قال إنه ليس بنجس العين فقد جعله مثل سائر الحيوانات
سوى الخنزير ، وهذا هو الصحيح " انتهى من " بدائع الصنائع " ( 1 / 63 ) .
وانظر جواب السؤال رقم (
69840 ) ففيه
نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية في أن الأصل في الأعيان – ومنه الحيوانات - الطهارة ،
وفيه بيان طهارة الكلب لذاته ، وأن لعابه فقط هو النجس لوجود النص على ذلك .
وأما ابتعاد المسلم عن الكلب ، فذلك خشية أن يصيبه بلسانه ، لأن الكلب يغلب عليه
إخراج لسانه ولحس الأشياء به ، ونجاسة الكلب نجاسة مغلظة لا تطهر إلا بالغسل سبع
مرات إحداهن بالتراب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (طَهُورُ إِنَاءِ
أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ،
أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) رواه مسلم (279) .
فلهذا يبتعد المسلمون عن الكلاب ويخشون أن تلمسهم ، حرصاً على طهارتهم وطهارة
ثيابهم.
والله أعلم
تعليق