الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

ما وجه الجمع بين قوله تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) ، وقوله عليه الصلاة السلام : ( وإن هم بسيئة فلم يعملها )

186294

تاريخ النشر : 10-07-2012

المشاهدات : 11166

السؤال


قرأت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة ) ، فأشكل علي هذا الحديث مع قوله تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) ، فكيف الجمع بين الآية والحديث ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
لا تعارض بين ما جاء في القرآن وبين ما جاء في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنهما جميعاً من الله تعالى ، وقد قال سبحانه : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء /82 .

ثانياً :
والجمع بين الآية والحديث أن يقال : إن عموم الحديث مخصوص بالآية ، فيحمل الحديث : ( ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ) على غير الحرم ، فيكون المعنى : أن الإنسان يؤاخذ على الهم السيئ في الحرم ، وأما في غير الحرم فلا يؤاخذ .
قال ابن القيم رحمه الله : " ومن خواصه أنه يعاقب فيه على الهم بالسيئات وإن لم يفعلها ، قال تعالى : ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) الحج / 25 ، فتأمل كيف عدى فعل الإرادة هاهنا بالباء ، ولا يقال : أردت بكذا إلا لما ضمن معنى فعل " همّ " ، فإنه يقال : هممت بكذا ، فتوعد من همّ بأن يظلم فيه بأن يذيقه العذاب الأليم " انتهى من " زاد المعاد " ( 1 / 51) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " قال بعض أهل العلم : من همَّ أن يعمل سيئة في مكة : أذاقه الله العذاب الأليم بسبب همِّه بذلك ، وإن لم يفعلها ، بخلاف غير الحرم المكي من البقاع فلا يعاقب فيه بالهمّ ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " لو أن رجلاً أراد بإلحاد فيه بظلم وهو بِعَدَنٍ أَبْيَن لأذاقه الله من العذاب الأليم " ، وهذا ثابت عن ابن مسعود ، ووقفه عليه أصح من رفعه ، والذين قالوا هذا القول استدلوا له بظاهر قوله تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) لأنه تعالى رتَّب إذاقة العذاب الأليم على إرادة الإلحاد بالظلم فيه ترتيب الجزاء على شرطه ، ويؤيد هذا قول بعض أهل العلم إن الباء في قوله ( بإلحاد ) لأجل أن الإرادة مضمنة معنى الهمِّ ، أي : ومن يهم فيه بإلحاد ، وعلى هذا الذي قاله ابن مسعود وغيره .
فهذه الآية الكريمة مخصِّصة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( ومن همَّ بسيئة فلم يعملها كُتبت له حسنة ) الحديث ، وعليه : فهذا التخصيص لشدة التغليظ في المخالفة في الحرم المكي ، ووجه هذا ظاهر " انتهى من " أضواء البيان " ( 4 / 294 ، 295 ) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إن قوله : ( ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ) هذا في غير مكة وتكون مكة مستثناة من ذلك ، أي : أنه يؤاخذ الإنسان فيها بالهمّ ، وفي غيرها لا يؤاخذ " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب