الحمد لله.
اختلف أهل العلم رحمهم الله في تحديد الربح : هل هو على قدر المالين كالوضيعة ( الخسارة ) ، أو هو على ما اتفق عليه الشريكان سواء كان كثيراً أو قليلاً ؟ على قولين :
القول الأول : وهو المذهب عند الحنفية والحنابلة : أن الربح على ما شرطه الشريكان ، واتفقا عليه ، بشرط أن يكون ذلك الربح مشاعاً معلوماً .
القول الثاني : وهو المذهب عند المالكية والشافعية : أن الربح على قدر المالين .
قال ابن قدامة رحمه لله : "
وأما شركة العنان , وهو أن يشترك بدنان بماليهما , فيجوز أن يجعلا الربح على قدر
المالين , ويجوز أن يتساويا مع تفاضلهما في المال , وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في
المال ، وبهذا قال أبو حنيفة .
وقال مالك والشافعي : من شرط صحتها كون الربح والخسران على قدر المالين ; لأن الربح
في هذه الشركة تبع للمال , بدليل أنه يصح عقد الشركة , وإطلاق الربح , فلا يجوز
تغييره بالشرط , كالوضيعة .
ولنا , أن العمل مما يستحق به الربح , فجاز أن يتفاضلا في الربح مع وجود العمل
منهما , كالمضاربين لرجل واحد , وذلك لأن أحدهما قد يكون أبصر بالتجارة من الآخر ,
وأقوى على العمل , فجاز له أن يشترط زيادة في الربح في مقابلة عمله , كما يشترط
الربح في مقابلة عمل المضارب " انتهى من " المغني " ( 5 / 19 ) .
فعلى هذا يكون تقسيم الربح
على النحو التالي :
من دفع المليونين استحق من الربح الثلثان ، ومن دفع مليونا واحده استحق من الربح
الثلث ، وهذا على مذهب المالكية والشافعية ، وهذه القسمة عادلة ، وهي صحيحة بإجماع
أهل العلم .
فإذا اتفق الشريكان على عدم
الالتزام بتقسيم الربح بحسب رأس المال ، فأرادا ـ مثلا ـ أن يقسم الربح بينهما
نصفين ، فيأخذ صاحب المليونين نصف الربح ، ويأخذ صاحب المليون نصفا مثله ، وتراضيا
على ذلك ، فهذا التراضي صحيح أيضا على مذهب الأحناف والحنابلة ؛ لأن الحق لهما ،
وصاحب النصيب الأكبر من المال يكون قد تنازل لصاحبه ـ طواعية ـ عن قدر من ربح ماله
.
واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضا صحة هذه الطريقة الثانية في قسمة الربح بين
الشريكين . ينظر : "الشرح الممتع" (9/(403 .
والله أعلم
تعليق