الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل جاء في نصوص الشريعة تحديد أقل مدة يقضيها عصاة الموحدين في النار ؟

200252

تاريخ النشر : 23-08-2013

المشاهدات : 94602

السؤال

ما هي أقل مدة يقضيها المسلم في جهنم ، بالقرآن والسنة الثابتة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
من دخل النار من عصاة الموحدين يكون عذابه فيها ومكثه فيها على قدر معاصيه ثم يخرجون منها ، فمنهم من يخرج منها بشفاعة النبيين ، ومنهم من يخرج منها بشفاعة الصالحين ، ومنهم من يخرج منها برحمة رب العالمين دون شفاعة من أحد.
راجع إجابة السؤال رقم : (21672) .
وروى مسلم (2845) عَنْ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حُجْزَتِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى عُنُقِهِ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
” يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ ، فَإِنَّ أَحْوَالَهُمْ فِي التَّعْذِيبِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَإِنَّهُمْ فِي الْغَمَرَاتِ ” . انتهى من “فتح الباري” (11/ 394) .
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
” وكذلك تفاوت عذاب عصاة الموحدين في النار، بحسب أعمالهم، فليس عقوبة أهل الكبائر، كعقوبة أصحاب الصغائر ، وقد يخفف عن بعضهم العذاب ، بحسنات أخر له ، أو بما شاء الله من الأسباب ، ولهذا يموت بعضهم في النار ” .
انتهى من “التخويف من النار” (ص 182) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” عصاة المسلمين ثلاثة أقسام : قسم يغفر الله له ولا يدخل النار أصلاً ، وقسم آخر يدخل النار ويعذب بقدر ذنوبه ثم يخرج ، وقسم ثالث يدخل النار ويعذب ، ولكن يكون له الشفاعة ، فيخرج من النار قبل أن يستكمل ما يستحقه من العذاب ” .
“فتاوى نور على الدرب” (4/ 2) بترقيم الشاملة .
ثانيا :
هذا القدر من العذاب لا يعلم قدر شدته ولا قدر مدته إلا الله ، وهم في ذلك يتفاوتون بحسب معاصيهم .
فلا يعلم أحد أقل مدة يمكث فيها هؤلاء العصاة في النار ، كما لا يعلم أحد أكثر مدة يمكثون فيها ، ولكن الذي اتفق عليه أهل السنة أنهم يعذبون فيها ما شاء الله أن يعذبوا ، كل بحسب معاصيه ومخازيه ، ثم يدخلهم الله الجنة برحمته .
قال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله :
” تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر من المؤمنين الموحدين ، دخلوها بالكبائر ماتوا عليها بغير توبة ، فهذا دخل النار لأنه مات على الزنا من غير توبة ، وهذا مات على الربا من غير توبة ، وهذا مات على عقوق الوالدين ، وهذا مات على قطع الرحم ، وهذا مات على الغيبة ، وهذا مات على نصرة الباطل ، وهذا مات على شهادة الزور، منهم من يعفى عنه ، ومنهم من يدخل النار ويعذب ، ولكنهم يتفاوت خروجهم ، منهم من يمكث مدة طويلة ، ومنهم من يمكث مدة قليلة ، حسب جرائمهم وأعمالهم ، ثم يخرجهم بالشفاعة .
فإذا تكامل خروج العصاة والموحدين ولم يبق منهم أحد أطبقت النار على الكفرة بجميع أصنافهم .
والمؤمنون الذين خرجوا يلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ” انتهى ببعض تصرف واختصار . من شرح الاقتصاد في الاعتقاد – الإيمان بالشفاعة  موقع الشيخ عبد العزيز الراجحي

ولا نعلم شيئا يروى في تحديد مدة مكث عصاة المسلمين في النار إلا حديثين ، وهما منكران لا يصحان .
أولهما : ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في “تفسير ابن كثير” (4/452) من طريق مسكين أبي فاطمة ، حدثني اليمان بن يزيد ، عن محمد بن حمير ، عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( إن أصحاب الكبائر ، من موحدي الأمم كلها ، إذا ماتوا على كبائرهم ، غير نادمين ولا تائبين ، من دخل النار منهم ، في الباب الأول من جهنم ، لا تزرق أعينهم ، ولا تسود وجوههم ، ولا يقرنون بالشياطين ، ولا يغلون بالسلاسل ، ولا يجرعون الحميم، ولا يلبسون القطران في النار ، حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد ، وحرم صورهم على النار من أجل السجود ، منهم من تأخذه النار إلى قدميه ، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه ، على قدر ذنوبهم وأعمالهم ، فمنهم من يمكث فيها شهراً ، ثم يخرج : ومنهم من يمكث فيها سنة ، ثم يخرج منها ، وأطولهم فيها مكثاً، بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى … ) الحديث .
وهكذا ذكره الحافظ ابن رجب رحمه الله في “التخويف من النار” (ص 259) ثم قال
: ” خرجه ابن أبي حاتم وغيره ، وخرجه الإسماعيلي مطولاً ، وقال الدارقطني في كتاب “المختلف”: هو حديث منكر، واليمان مجهول، ومسكين ضعيف ، ومحمد بن حمير لا أعرفه إلا في هذا الحديث ” انتهى .

 

ثانيهما : ما رواه الحكيم الترمذي في “نوادر الأصول” (2/36) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : ( إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها، وهو في الباب الأول من جهنم ، لا تسود وجوههم ولا تزرق عيونهم ، ولا يغلون بالأغلال ، ولا يقرنون مع الشياطين ، ولا يضربون بالمقامع ، ولا يطرحون في الأدراك ، منهم من يمكث فيها ساعة ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها يوماً ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج ، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج، وأطولهم مكثاً فيها: مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنة … وذكر بقية الحديث) .
ذكره الألباني في “الضعيفة” (5381) وقال : ” موضوع ” .

راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (26792) ، والسؤال رقم : (27075) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب