الحمد لله.
أولا :
روى الترمذي (3117) وحسنه ، وأحمد (2483) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا القَاسِمِ، أَخْبِرْنَا عَنِ الرَّعْدِ مَا هُوَ؟ قَالَ: (مَلَكٌ مِنَ المَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ) فَقَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ؟ قَالَ: (زَجْره بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ) قَالُوا: صَدَقْتَ.
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
ورواه الطبري وغيره عن ابن عباس من قوله ، وعن مجاهد وعكرمة وأبي صالح وشهر بن حوشب .
انظر : "تفسير الطبري" (1/ 338-341) ، "الأدب المفرد" (722) ، "الدر المنثور" (4/ 620-623)
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" جمهور أهل العلم مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ يَقُولُونَ : الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ " انتهى من "الاستذكار" (8/ 588)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَقْوَالٌ لَا تُخَالِفُ ذَلِكَ. كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ اصْطِكَاكُ أَجْرَامِ السَّحَابِ بِسَبَبِ انْضِغَاطِ الْهَوَاءِ فِيهِ ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الرَّعْدَ مَصْدَرُ رَعَدَ يَرْعَدُ رَعْدًا، وَكَذَلِكَ : الرَّاعِدُ يُسَمَّى رَعْدًا، كَمَا يُسَمَّى الْعَادِلُ عَدْلًا. وَالْحَرَكَةُ تُوجِبُ الصَّوْتَ ، وَالْمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تُحَرِّكُ السَّحَابَ وَتَنْقُلُهُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ ، وَكُلُّ حَرَكَةٍ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ فَهِيَ عَنْ الْمَلَائِكَةِ .
فَالرَّعْدُ إذًا : صَوْتٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ ، وَكَذَلِكَ الْبَرْقُ قَدْ قِيلَ: لَمَعَانُ الْمَاءِ أَوْ لَمَعَانُ النَّارِ ، وَكَوْنُهُ لَمَعَانَ النَّارِ أَوْ الْمَاءِ ، لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ اللَّامِعُ مِخْرَاقًا بِيَدِ الْمَلَكِ ، فَإِنَّ النَّارَ الَّتِي تَلْمَعُ بِيَدِ الْمَلَكِ كَالْمِخْرَاقِ ، مِثْلَ مُزْجِي الْمَطَرِ. وَالْمَلَكُ يُزْجِي السَّحَابَ كَمَا يُزْجِي السَّائِقُ لِلْمَطِيِّ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (24/ 263-264)
ثانيا :
قول أختك أن شعرك كالرعدة لوفرته وكثرته ليس من الاستهزاء بالدين في شيء ، ولكنه من التشبيه ، حيث شبهت الشعر الكثيف المنتشر بالرعد الذي ينتشر صوته في أفق السماء .
وقائل هذا لا يعني بالرعد : الملك الموكل بذلك ، بل يعني به : الصوت الذي نسمعه ، وكلاهما يسمى رعدا ، من غير تعارض ، كما مر في كلام شيخ الإسلام ؛ فإذا قدر أن هذا الكلام كان على وجه المزاح والسخرية ، فلا علاقة لذلك بالملك أصلا ، إنما السخرية من الشعر ، والحديث أيضا عن الصوت الذي نسمعه ، لا يرد على البال شيء من أمر الملك أصلا .
والواجب الحذر من الاسترسال مع الوساوس التي يلقيها الشيطان في نفس ابن آدم ، ليُهمه ويحزنه ويشككه في اعتقاده ويتهمه في دينه .
وقد تقدم في جواب السؤال رقم : (163627) أن القول أو الفعل إذا لم يدل على الاستخفاف والانتقاص والتهكّم ، فلا يكون من الاستهزاء بالدين .
وينظر للفائدة جواب
السؤال رقم : (111473) ،
(153656) ، (195085)
والله تعالى أعلم .
تعليق