الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

إخراج الزكاة قبل بلوغ المال النصاب ، وأخطاء في إخراج الزكاة .

السؤال

كان أبي يزكي بالخطأ ؛ لأنه كان يزكي قبل بلوغ المال النصاب ، يزكي إذا حال الحول فقط كما يقول هو، وليته حتى حول هجري ، بل حول ميلادي . فماذا يفعل في تلك السنوات التي كان يخرج زكاته بالخطأ ؟ وهناك سنوات لم يزك فيها أصلا ، فماذا أقول له عن تلك السنوات ؟ فأنت تعلمون أن تلك السنوات لا تعتبر زكاة ، وللعلم أبي حنون وطيب وكريم ، لكن هذا لا يفيده أمام الوقوف بين يدي الله ، لأني في الحقيقة لا أصدق أبي أحياناً، فعندما واجهته بتلك السنوات التي لم يخرج فيها الزكاة نفى ذلك ، وقال : كنت أخرجها .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
سبق في جواب السؤال رقم : (138703) بيان أن إخراج الزكاة من المال قبل بلوغه النصاب يعتبر صدقة تطوع ، فالمال لا تجب فيه الزكاة المفروضة حتى يبلغ النصاب ويحول عليه الحول .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ ، وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ نِصَابٍ ، فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ ، أَوْ زَكَاةَ نِصَابٍ ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَعَجَّلَ الْحُكْمَ قَبْلَ سَبَبِهِ "
انتهى من "المغني" (2/ 471) .
ثانيا :
من تهاون في إخراج الزكاة فيما مضى من السنين : أثم ، وتلزمه التوبة ، ثم إن كان يعلم مقدار المال الذي كان يملكه ، ووجبت فيه الزكاة : أخرج زكاته عن كل سنة مضت عليه ولم يخرج زكاتها ، بمقدارها المشروع .
وإن اختلط عليه الأمر ، ولم يقدر على حساب المال : فليتحر الصواب قدر طاقته ، وليخرجها على ذلك .
وإن قدر على معرفة حساب الزكاة سنة وجهله سنة مثلا فليخرج زكاته عن سنته المعلومة بمقدارها المعلوم ، وليتحر في سنته المجهولة الصواب ما أمكنه ، وليخرج زكاته على ذلك .
انظر جواب السؤال رقم : (26119) .
ثالثا :
يجوز إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها ، إذا كان قد ملك نصابها ؛ فإذا وجبت عليه في شوال فأخرجها في رمضان مثلا : أجزأه ذلك ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأَمَّا تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا ، بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ : فَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد ؛ فَيَجُوزُ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالنَّقْدَيْنِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ إذَا مَلَكَ النِّصَابَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/ 85) .
وانظر جواب السؤال رقم : (1966) .
رابعا :
تجب الزكاة في المال إذا مضى عليه اثنا عشر شهرا بالحساب القمري ؛ لقول الله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) البقرة/189 ، ولا يجوز تأخير إخراجها عن هذا الموعد إلا لعذر شرعي لا يتمكن من إخراجها معه .
وعلى ذلك : فلا يجوز اعتماد الأشهر الميلادية لمعرفة حول الزكاة .
ومن أخرج زكاة ماله على الأشهر الميلادية وجب عليه إخراج زكاة الفرق مع التوبة . ويمكن حساب ذلك الفرق بعدة طرق ، منها :
- أن تعرف التاريخ الهجري لأول مرة أخرجت فيها الزكاة ، ثم تجعله الآن هو وقت إخراج الزكاة للسنوات القادمة .
- الفرق بين السنة الهجرية والميلادية إحدى عشر يوما تقريبا ، فحدد السنوات التي أخرجت فيها الزكاة بالميلادية ، ثم تضربها في إحدى عشر يوما ، ثم تضيف ذلك إلى الحول الهجري ، وتخرج الزكاة على هذا الحساب ، ولا نظن أن الفرق بين التقويم الهجري والميلادي ، يتحصل منه سنة هجرية كاملة ، حتى تلزمه زكاة سنة ، بل الظاهر أن الفرق سوف يبلغ أياما ، أو عدة أشهر على الأكثر ، وهنا يكون ما مضى إخراجه من الزكاة صحيحا ، لكن فقط يلزمه تعديل موعد إخراج الزكاة كل سنة ، حسب التقويم الهجري .

خامسا :
كلام السائل غير واضح ، أو غير دقيق بصورة كافية ، وقد أجبنا عن الاحتمالات التي يدور عليها كلامه .
- فإذا كان والده قد أخرج زكاة المال قبل بلوغ المال النصاب سنين : فالمال الذي لم يبلغ النصاب : لم تكن فيه زكاة واجبة أصلا ، وما أخرجه فهو تطوع ؛ ولا يضر هنا إخراجه هذا المال على السنة الميلادية أو الهجرية .
- وإذا عجّل والده الزكاة قبل بلوغ الحول ، ولكن بعد بلوغ المال النصاب : فزكاته صحيحة ولا حرج عليه في التعجيل .
- وإذا بلغ المال النصاب فأخر الزكاة على السنة الميلادية فقد أخطأ ، وعليه التوبة والاستغفار ، فإن كان جاهلا ، وهذا أمر وارد جدا ، وخاصة أن أكثر البلاد ـ الإسلامية ـ الآن : تمضي في حساباتها ، ورواتبها ، وكل أعمالها : حسب التقويم الميلادي : فلا إثم عليه أصلا ، فالاشتباه وارد في ذلك جدا ، بغض النظر عن صحة صاحب المال ، أو سنه ، أو تعليمه ؛ فغياب مثل هذه المسائل : وارد جدا ، فلا ينبغي التشديد على الوالد ، وزيادة اللوم عليه في مثل ذلك ، كل ما هنالك : هو تصحيح الخطأ فقط .
- الأصل براءة ذمة والدك من أية ديون ، أو التزامات ، فلا يقال إن في ذمته شيئا من الزكاة الماضية ، بمجرد الظنون والتوهمات ، والأصل أنه مؤتمن على دينه ، مؤتمن على زكاة ماله ، فلا يلزمه شيء سوى ذلك إلا ببينة ، وإذا كان محله الصدق : فإن قوله مقبول فيما مضى من زكاة ماله ، ولا يجوز التفتيش خلفه ، أو تكذيبه ؛ فإن غلب على الظن أنه أخطأ ، أو لم يخرج شيئا من زكاته السابقة ، فعليك أن تتطلف معه حتى يخرجها هو ، أو تخرجها أنت من ماله .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب