الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

تتفاوت محبتنا للأنبياء عليهم السلام بحسب فضلهم

223502

تاريخ النشر : 24-10-2014

المشاهدات : 19485

السؤال


من المعلوم أن محبتنا لمحمد صلى الله عليه وسلم تفوق محبتنا لأنفسنا وجميع الناس ومن ضمنهم الأنبياء ، ولكن هل يجب أن تتفاوت محبتنا لبقية أنبياء الله بحسب أفضليتهم عند الله أم أن في ذلك تفريق منهي عنه بينهم ؟

الجواب

الحمد لله.


محبة الأنبياء واجبة ، فإن محبتهم من الإيمان ، وهم أولى أهل الإيمان والصلاح : بالحب في الله .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يجب علينا أن نحب الأنبياء ؛ لما لهم من مقام الصدق وإبلاغ الرسالة والصبر والتحمل ، لأننا نحبهم لله ، وهم على رأس من نحبهم لله ، فكما يجب علينا أن نحب شخصاً لله يجب علينا أن نحب الأنبياء أكثر وأكثر " انتهى من " لقاء الباب المفتوح " لابن عثيمين .

ومحبتنا للأنبياء تتفاوت بتفاوت فضائلهم ، فمن كان أفضل كانت محبته أكثر ، وذلك لأن محبتنا لهم تابعة لمحبة الله تعالى ، فمن كانت محبة الله له أشد كانت محبتنا له كذلك ، وذلك يكون بحسب مراتبهم في الفضل .

قال ابن القيم رحمه الله :
" وكل محبَّة وتعظيم للبشر فَإِنَّمَا تجوز تبعا لمحبة الله وتعظيمه ، كمحبة رَسُوله وتعظيمه فَإِنَّهَا من تَمام محبَّة مرسله وتعظيمه ، فَإِن أمته يحبونه لحب الله لَهُ ويعظمونه ويجلونه لإجلال الله لَهُ ، فَهِيَ محبَّة لله من مُوجبَات محبَّة الله ، وَكَذَلِكَ محبَّة أهل الْعلم وَالْإِيمَان ومحبة الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وإجلالهم تَابع لمحبة الله وَرَسُوله لَهُم " انتهى من " جلاء الأفهام " (ص/187) .

وكلهم محبوبون معظمون مبجلون ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وهذا كمحبتنا للصحابة رضي الله عنهم ، فإننا نحبهم جميعا ، ويكون لأفاضلهم محبة زائدة على غيرهم ؛ وذلك لأن المحبة تابعة للأفضلية .

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام مُحَقّق عصره أَبُو زرْعَة الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ رَحمَه الله عَمَّن اعْتقد فِي الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة الْأَفْضَلِيَّة على التَّرْتِيب الْمَعْلُوم ، وَلكنه يحب أحدهم أَكثر هَل يَأْثَم ؟
فَأجَاب : بِأَن الْمحبَّة قد تكون لأمر ديني وَقد تكون لأمر دُنْيَوِيّ ، فالمحبة الدِّينِيَّة لَازِمَة للأفضلية ، فَمن كَانَ أفضل كَانَت محبتنا الدِّينِيَّة لَهُ أَكثر ، فَمَتَى اعتقدنا فِي وَاحِد مِنْهُم أَنه أفضل ثمَّ أحببنا غَيره من جِهَة الدّين أَكثر كَانَ تناقضا ...
فَمن اعْترف بِأَن أفضل هَذِه الْأمة بعد نبيها صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ ، لكنه أحب عليا أَكثر من أبي بكر مثلا : فَإِن كَانَت الْمحبَّة الْمَذْكُورَة محبَّة دينية فَلَا معنى لذَلِك ، إِذْ الْمحبَّة الدِّينِيَّة لَازِمَة للأفضلية كَمَا قَرَّرْنَاهُ ، وَهَذَا لم يعْتَرف بأفضلية أبي بكر إِلَّا بِلِسَانِهِ ، وَأما بِقَلْبِه فَهُوَ مفضل لعَلي لكَونه أحبه محبَّة دينية زَائِدَة على محبَّة أبي بكر ، وَهَذَا لَا يجوز " انتهى من " الصواعق المحرقة " (1/187-188) .

وعلى هذا ، فالمؤمن يحب جميع الأنبياء ، وتزيد محبته لمن زاد فضله منهم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب