الحمد لله.
أولا :
الهندوسية : هي " اسم يطلق على تراث ديني شديد التنوع ، نشأ في الهند على مدى الثلاث آلاف سنة الأخيرة ، ويمثل حاليا : عقائد وممارسات ما يزيد على 500 مليون هندوسي ، يعيش أغلبهم في الهند ، ويمثلون 80% من مجموع السكان .
والتنوع هو المدخل لفهم الحياة الدينية للهندوس ؛ لأن الهندوسية ليست واحدة ، وليس لها مؤسس ، ولا عقيدة واحدة ، ولا كتاب ديني واحد يقبله الجميع ، ولا قانون أخلاقي واحد ، أو نظام لاهوتي واحد ، ولا مفهوم موحد للإله ترتكز عليه ، وإنما هي مجموعة تقاليد ، تضم قدرا هائلا من الأوضاع الدينية .. " . انتهى ، من "معجم الأديان" تحرير: جون ر. هينليس ، (306) وما بعدها .
وينظر للاستزادة حول الهندوسية ، وعقائدها : "موسوعة الأديان الحية" زينر ، الجزء الثاني : الأديان غير السماوية (2/51) وما بعدها ، وأيضا : "أديان الهند الكبرى" ، د. أحمد شلبي .
وقد سبق في الموقع تعريف موجز بهذه الديانة الشركية البشرية . ينظر : جواب السؤال رقم : (126472)
ثانيا :
وقد استمدت "البرهمية" هذه التسيمة من أمرين :
الأول : نسبة إلى "براهمان" ، إلههم الذي يعبدونه ، وهو القوة العليا ، والحقيقة
النهائية لهذا الكون .
الثاني : وضع طبقة الكهنة " البراهمة" ، وهم أعلى طبقة اجتماعية في الهندوسية .
ينظر : "المعتقدات الدينية عند الشعوب" ، جفري بارندر (385-386) .
ولا علاقة بين خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام وبين البراهمة الهندوس ، أو
غيرهم من أهل الشرك ، فإن "الهندوسية" ديانة وضعية ، بشرية ، ولهذا فإنها تصنف ضمن
دائرة "الأديان غير السماوية" .
ينظر : موسوعة الأديان الحية ، ر.س. زينر، الجزء الثاني .
والحاصل : أن هذه الديانة : لا تؤمن بأن الله هو رب العالمين ، ولا أنه أنزل
كتبا إلى الناس ، ولا أرسل إليهم رسلا ، لا إبراهيم عليه السلام ولا غيره ؛ فكيف
تنسب إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام .
ثم إن النسبة إلى "لفظ" إبراهيم : "إبراهيمي" ، وليس "برهمي" .
فتبين بطلان هذه النسبة ، من حيث المعنى ، وتاريخ الديانة ، أولا ، ثم من حيث اللفظ
والوضع اللغوي ، كذلك .
وقد نبه الشهرستاني رحمه الله من قديم إلى ذلك ، فقال :
" من الناس من يظن أنهم سموا براهمة لانتسابهم إلى إبراهيم عليه السلام، وذلك خطأ،
فإن هؤلاء القوم هم المخصوصون بنفي النبوات أصلا ورأسا، فكيف يقولون بإبراهيم عليه
السلام؟.." انتهى من "الملل والنحل" (2/1270) ط فتح الله بدران .
وقد صان الله نبيه إبراهيم عليه السلام عن أن يَنتسب هؤلاء المشركون إليه ، أو
يُنسب إليهم ، ولو كذبا ، كما برأه من ملل الكفر كلها ، واصطفاه خليلا لنفسه ، عليه
السلام . قال تعالى : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا
وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/ 67
وقال عز وجل : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )
الممتحنة/ 4
ثالثا :
ما ذكره السائل من أن نبي الله إدريس عليه السلام اختفى ، وأن الشيطان قام بصنع
تمثال له ، وأمر زوجته وأولاده أن يعبدوه : كلام لا أصل له ، فيما نعلم .
ولم يذكر لنا القرآن الكريم تفصيل رسالة إدريس عليه السلام ولا سيرته ، وإنما ذكر
أنه نبي من أنبياء الله ، وقد لقيه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به في
السماء الرابعة ، وقال تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ
صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) مريم/ 56، 57
وانظر السؤال رقم : (136890)
والمعروف أن أول ما وقع الشرك في الأرض كان في قوم نوح عليه السلام ، فعن ابن
عباس رضي الله عنهما أنه قال في قول الله تعالى عن قوم نوح : ( وَقَالُوا لا
تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ
وَنَسْرًا ) نوح / 23 قال :
" هذه أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى
الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي
كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ
تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ " .
رواه البخاري (4920).
أما ما ذكره السائل : فلا نعلم له أصلا .
رابعا :
إبراهيم عليه السلام هو أفضل الأنبياء والرسل بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ " كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
وَكَذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مِنْهُمْ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْم قَالَ: " لَا
أُفَضِّلُ عَلَى نَبِيِّنَا أَحَدًا، وَلَا أُفَضِّلُ عَلَى إبْرَاهِيمَ بَعْدَ
نَبِيِّنَا أَحَدًا " انتهى .
مجموع الفتاوى (4/ 317)
وانظر السؤال رقم : (149310)
والله أعلم .
تعليق