الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم التداوي

السؤال

إذا كان شخص ما في مرحلة متأخرة من مرض عضال . حيث العلاج لم يعد مجديا(مع بصيص أمل ضعيف) فهل يقبل المريض العلاج؟
فالعلاج له أعراض جانبيه لا يرغب المريض إضافتها لمعاناته؟
في العموم هل يجب على المسلم التداوي أم هو أمر اختياري؟

الجواب

الحمد لله.

التداوي مشروع من حيث الجملة ، لما روى أبو الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء ، فتداووا ، ولا تتداووا بالحرام .) ، رواه أبو داود 3376 ، ولحديث أسامة بن شريك رضي الله عنه قال : قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى ؟ قال : ( تداووا ، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحد ) قالوا : يا رسول الله وما هو ؟ قال : ( الهرم ) . أخرجه الترمذي 4/383 رقم 1961 وقال : هذا حديث حسن صحيح وهو في صحيح الجامع 2930 .
وقد ذهب جمهور العلماء ( الحنفية والمالكية ) إلى أن التداوي مباح . وذهب الشافعية ، والقاضي وابن عقيل وابن الجوزي من الحنابلة إلى استحبابه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء فتداووا ، ولا تتداووا بالحرام ) . وغير ذلك من الأحاديث الواردة ، والتي فيها الأمر بالتداوي ، قالوا : واحتجام النبي صلى الله عليه وسلم وتداويه دليل على مشروعية التداوي ، ومحل الاستحباب عند الشافعية عند عدم القطع بإفادته ، أما لو قُطِع بإفادته ( كعَصْب الجُرح ) فإنه واجب ( ومن أمثلة ذلك في عصرنا نقل الدم في بعض الحالات . ) .
يُنظر حاشية ابن عابدين 5/215 ، 249 . والهداية تكملة فتح القدير 8/134 ، والفواكه الدواني 2/440 ، وروضة الطالبين 2/96 ، وكشاف القناع 2/76 ، والإنصاف 2/463 ، والآداب الشرعية 2/359 وما بعدها ، وحاشية الجمل 2/134 .
قال ابن القيم : في الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً ، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح  في الأمر والحكمة ، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تَرْكها أقوى في التوكل ، فإن تَرْكها عجز ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ، ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب ، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ، ولا توكله عجزاً . زاد المعاد 4/15 . يُنظر الموسوعة الفقهية 11/116
والخلاصة في جواب السّؤال المذكور أنّ التداوي ليس بواجب عند العلماء إلاّ إذا قُطِع بفائدته - عند بعضهم - وحيث أنّ التداوي في الحالة المذكورة في السّؤال ليس بمقطوع الفائدة وأنّ المريض يتأذّى نفسيا منه فلا حرج مطلقا في تركه ، وعلى المريض أن لا ينسى التوكّل على الله واللجوء إليه فإنّ أبواب السماء مفتوحة للدّعاء ، وعليه برقية نفسه بالقرآن الكريم مثل أن يقرأ على نفسه سورة الفاتحة وسورة الفلق وسورة النّاس فهذه تنفع نفسيا وجسمانيا مع ما في التّلاوة من الأجر والله الشّافي لا شافي إلا هو .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد