الحمد لله.
إن كان المال المدخر لم يبلغ النصاب إلا بضمه إلى نصيبك من مال الشركة ، فإن حول الزكاة، يحسب مع حول رأس مالك في الشركة ، فيكون حول زكاة مالك كله (المدخر ومال الشركة) حولا واحدا ، من اليوم الذي تملكت فيه مالا يبلغ نصابا .
فإذا حال الحول زكيت المال المدخر ، وحسبت أرباح الشركة فتزكي نصيبك من رأس المال مع الأرباح أيضا .
وإذا كان المال المدخر يبلغ النصاب بمفرده ، فله حوله المستقل ، فتخرج زكاته إذا انتهى حوله ، ويبدأ حول مال الشركة من حين تملكه ، فتخرج زكاته مع الأرباح إذا انتهى حوله .
قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (3/172، 173) :
"ويضم المستفاد ، إلى نصاب بيده ، من جنسه ، أو في حكمه .
ويزكي كل واحد إذا تم حوله" انتهى .
قال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته :
"أي : ويزكي كل واحد : من النصاب إذا تم حوله، ومن المستفاد كذلك .
فلو كان بيده مئتا درهم، مضى عليها ستة أشهر، ثم ملك مائة درهم ، بإرث أو هبة، زكى النصاب إذا مضت الستة الأشهر الباقية، وزكى المستفاد بالإرث أو الهبة ، إذا مضى عليه حول من وقت استفادته .
قال ابن قندس: إذا كان عنده أربعون من الغنم ، مضى عليها بعض حولها، فاشترى أو اتَّهب مائة، فلا تجب عليه ، حتى يمضي عليه حول أيضًا. اهـ.
قال الوزير: اتفقوا على أن المستفاد لا زكاة فيه ، حتى يحول عليه الحول، كبقية الأموال" انتهى
ثانيا:
أما المال الذي أخذته من المال المدخر ووضعته في مال التجارة ، فالظاهر أنك تريد بذلك إقراض الشركة .
وعلى هذا ؛ فهذا المال قرض منك للشركة التي تملك أنت نصفها ، ويملك أخوك النصف الآخر.
وقد ذكر العلماء أن الشريكين إذا استدانا مالا للشركة ، فإنه يكون على كل واحد منهما نصفه ، ويكون ضامنا للنصف الآخر .
أي أن هذا المال الذي أقرضته للشركة ، يكون نصفه لم يخرج من ملكك ، بل غاية الأمر أنك نقلت مالك من مكان إلى مكان آخر ، (من المال المدخر إلى الشركة) .
والإنسان لا يقرض ماله لنفسه ، فأنت في الحقيقة لست مدينا لأحد .
وأما النصف الآخر فهو قرض منك لأخيك ، وأنت الضامن له .
قال في "كشاف القناع" (3/526) عن شركة الوجوه ، وهي شركة قائمة على استدانة الشريكين ما يتاجران به .
قال : "وكل منهما وكيل صاحبه ، وكفيل عنه بالثمن ، لأن مبناها على الوكالة والكفالة" انتهى .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"قوله: وكل واحد منهما وكيل صاحبه حتى وإن لم يصرِّحا بالتوكيل، فإن مقتضى هذه الشركة أن يكون كل واحد منهما وكيلاً لصاحبه.
قوله: وكفيل عنه بالثمن : كفيل بمعنى ضامن، فما دام البائع باع عليهما ، بوجهيهما [أي دينا عليهما] ، فإنه يعتقد أن كل واحد منهما غارم عن صاحبه، فلو أن أحدهما هرب ـ مثلاً ـ بعد عقد الشركة، وبقي واحد منهما، فللبائع عليهما أن يُضَمِّن هذا الذي لم يهرب.
فإذا قال: إننا شركاء ، وإن لصاحبي الذي هرب النصف؟ قال: لكن كل واحد منكما كفيل عن صاحبه" انتهى .
الشرح الممتع (9/431) .
فيكون أخوك مدينا لك بنصف المال ، وهذا لا يؤثر على إخراج الزكاة على نصيبه في الشركة ، لأن الراجح من أقوال العلماء أن الدين لا يسقط الزكاة ؛ بمعنى : أن الدائن يضم الدَّين الذي له على غيره ، بإضافته إلى ما معه من مال ، فيزكي عن جميع ماله ، وذلك كل عام ، متى كان دينه على مليء باذل له . كما سبق بيانه في السؤال رقم (125854) .
ولكن يكون هذا مالا مستفادا لأخيك أثناء الحول ، فيحسب له حوله المستقل من حين قبضه ، ولا يُزكَّى مع حول أموال الشركة.
وبناء على ذلك :
فإخراجك أنت الزكاة عن هذا قرضك الذي أقرضته للشركة ، يكون له اعتباران :
اعتبار نصف هذا القرض، الذي لم يخرج عن ملكك ، على ما سبق بيانه ؛ وعليه : فإنك تزكي هذا النصف ، مع مالك كله .
وأما النصف الآخر : فإنك تخرج زكاته أيضا ، باعتبار أنه على مليء باذل ، وأنك ضامن له . لكن إذا كانت الشركة تمر بأزمة مالية ، أو لا تستطيع أنت استرداد هذا الدين منها : فلا زكاة عليك في هذا النصف ، إلا إذا قبضته ، فإنك تحسب له حولا مستقلا من يوم قبضك له .
وانظر السؤال رقم (125854) ففيه بيان كيفية إخراج زكاة الديون .
أما إذا كان هذا المبلغ الذي تضعه في الشركة ، ليس قرضا ، وإنما هو مشاركة جديدة لك في الشركة ، ويكون لك نسبة من الأرباح ..
= إذا كان الأمر كذلك : فإنك تزكي هذا المبلغ ، وتضيف إليه الأرباح التي حصلت عليها ، إلا إذا أنفقتها قبل تمام الحول ، فلا زكاة فيها .
مع التنبيه : أن هذا المال المدخر إذا شاركت به في الشركة : فإن حوله ، وحول أرباحه هو حول المال المدخر ، فيحسب لإخراج زكاته هو وأرباحه عنه نهاية حول المال المدخر .
وينظر جواب السؤال رقم (161816) ، وجواب السؤال : (260669)
والله أعلم
تعليق