الحمد لله.
أولا:
كلام المفسرين في المقصود بالوحي الذي أوحاه الله لأم موسى
اختلف المفسرون في الوحي الذي أوحاه الله إلى أم موسى على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه إلهام قذف في قلبها، وهذا هو المشهور، وهو قول ابن عباس وقتادة.
الثاني: أنه رؤيا رأتها في نومها.
الثالث: أنه كلام جبريل لها، وهو قول مقاتل بن سليمان.
قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (3/ 375): "قوله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنَّه إِلهام، قاله ابن عباس.
والثاني: أنَّ جبريل أتاها بذلك، قاله مقاتل.
والثالث: أنَّه كان رؤيا منام، حكاه الماوردي" انتهى.
وقال السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 393): "أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: وأوحينا إلى أم موسى يقول: ألهمناها الذي صنعت بموسى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأوحينا إلى أم موسى قال: قذف في نفسها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه قال: وحي جاءها عن الله قذف في قلبها وليس بوحي نبوة فإذا خفت عليه فألقيه في اليم قال: فجعلته في تابوت فقذفته في البحر" انتهى.
وينظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" (3/ 336)، "وفتاوى اللجنة الدائمة" (3/ 276).
فالقول بأنه وحي جبريل عليه السلام ليس مستبعدا، لكن المشهور أنه وحي إلهام.
ومن وحي الإلهام: قوله تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ النحل/68.
ثانيا:
في بيان معنى الإلهام وحقيقته
الإلهام ليس فكرة كما ذكرت، بل هو شيء يقذفه الله في القلب، فيقع معه للمهم يقين بأنه من عند الله، ولهذا يبني عليه الأفعال ولو كان فيها مخاطرة كما حصل مع أم موسى عليه السلام.
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله: "والوحي هنا وحي إلهام يوجد عنده من انشراح الصدر ما يحقق عندها أنه خاطر من الواردات الإلهية. فإن الإلهام الصادق يعرض للصالحين فيوقع في نفوسهم يقينا ينبعثون به إلى عمل ما ألهموا إليه، وقد يكون هذا الوحي برؤيا صادقة رأتها" انتهى من "التحرير والتنوير" (20/ 73).
وعلى فرض أن الوحي كان بواسطة الملك، فإنه لا يلزم من ذلك النبوة؛ لما ثبت من كلام الملك مع من ليسوا بأنبياء كالأقرع والأعمى والأبرص.
وينظر: جواب السؤال رقم : (158044).
والله أعلم.
تعليق