الحمد لله.
هل الرقم 666 رقم الشيطان؟
الاعتقاد بأن الرقم " 666 " له خصوصية، خاصة في النفع والضر وأنه رقم للشيطان أو للدجال، هذه خرافة عالمية مصدرها من أهل الكفر، وخاصة ممن ينسبون أنفسهم إلى عبادة الشيطان.
فلهذا لا يجوز للمسلم أن يعتقد في هذا الرقم خصوصية خاصة، بل هو كسائر الأرقام تدل على العدد فقط، فمن اعتقد فيه سرا خاصا فقد وقع في محرم بتشبهه بأهل الكفر واتباعهم في خرافاتهم.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (5/109).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وهذا إسناد جيد ... وهذا الحديث أقل أحواله: أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى: ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) ...
فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه ، فإن كان كفرا، أو معصية، أو شعارا لها كان حكمه كذلك.
وبكل حال: يقتضي تحريم التشبه؛ بعلة كونه تشبها ... " انتهى من"اقتضاء الصراط المستقيم" (1 / 240 – 242).
وتحصل مخالفتهم بعدم الاعتقاد في هذا الرقم سرا خاصا، وأن لا يعتنى بكتابته اعتناء خاصا وإنما يعامل معاملة سائر الأعداد.
وأما ترك كتابته مطلقا، فلا يصح؛ لأن كتابة الأرقام عند الحاجة مباح ، ولا يترك المباح الذي يحتاجه الناس لأجل ضلال من ضل بشأنه ؛ إنما يترك الضلال الذي ألحق به ، وركب عليه .
قَالَ عِكْرِمَةُ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَعِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَمَرَّ غُرَابٌ يَصِيحُ؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: خَيْرٌ خَيْرٌ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "لَا خَيْرَ وَلَا شَرَّ".
رواه الدينوري في "المجالسة" (3/297).
ولأجل هذه المفسدة ، مفسدة تمكين البدع في القلوب ، نهى أهل العلم عن مخالفة الكفار في أعيادهم ، بتعمد الصيام وترك التنعم بالطعام في يوم عيدهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" فإن قيل : فما تقولون في صوم يوم النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين ؟
قيل : قد كرهه كثير من العلماء ، وأكثر أصحاب أحمد على الكراهة...
وعللوا ذلك بأنهما يومان يعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما، فكره كيوم السبت. قال صاحب المغني: وعلى قياس هذا: كل عيد للكفار، أو يوم يفردونه بالتعظيم " انتهى من " حاشية ابن القيم مع عون المعبود" (7/52).
وينظر للفائدة : جواب سؤال رقم:(حكم التفاؤل والتشاؤم ببعض الأرقام)، وجواب سؤال:(حكم التشاؤم برفة العين).
ثانيا:
التوبة من الإيمان بالخرافات هو كسائر التوبة من الذنوب، تكون باجتنابها، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قال العلماء : التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها .
والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته " انتهى من"رياض الصالحين"(ص 14).
ويحصل الإقلاع عن الخرافات بالاعتقاد أن النفع والضر بيد الله تعالى وحده.
قال الله تعالى: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ المؤمنون/88 - 89.
وقال الله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَيونس /31.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَدْ أَشْرَكَ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُك رواه الإمام أحمد في "المسند" (11 / 623)، وحسّنه محققو المسند".
وأيضا على المسلم أن يستحضر أن هذه الخرافات مضرة بالعقل والفكر، والشرع جاء بحفظ العقول مما يفسدها.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
" والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول، المزكية للنفوس، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها والله أعلم " انتهى من"القول السديد / المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي" (10/19).
والله أعلم.
تعليق