الحمد لله.
حكم التشاؤم برفة العين
لا علاقة لما ذكرته من رفة العين بفأل الشر، بل هذا من التشاؤم الذي يجب على المسلم الحذر منه؛ فإنه من أفعال الجاهلية، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن التطيّر، وأخبر أنه من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد الواجب، لكون الطيرة من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته، والمراد بالتطير أو الطيرة هو: (التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم).
أحاديث في النهي عن التشاؤم
وقد جاء نهيه صلى الله عليه وسلم عنها في غير ما حديث، فمن ذلك:
-
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة رواه البخاري (5757) ومسلم (102 )
-
وما رواه أبو داود (3910) والترمذي (1614) وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منّا إلا....، ولكن الله يذهبه بالتوكل وقوله: (وما منا إلا...) إلخ، من كلام ابن مسعود، وليس من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعناه: ما منا من أحد إلا وقد يقع في قلبه شيء من الطيرة والتشاؤم إلا أن الله تعالى يذهب ذلك من القلب بالتوكل عليه وتفويض الأمر إليه.
-
وما جاء أيضاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة رواه البخاري (5756) ومسلم (2220 )
فهذه الأحاديث صريحةٌ في تحريم التشاؤم والتحذير منه ، لما فيه من تعلّق القلب بغير الله تعالى، ولأن كل مَنْ اعتقد أن بعض الأشياء قد تتسبب في نفعه أو ضره، والله لم يجعلها سببا لذلك؛ فقد وقع في الشرك الأصغر، وفتح للشيطان باباً لتخويفه و إيذائه في نفسه وبدنه وماله، ولذا نفاها الشارع وأبطلها وأخبر أنه لا تأثير لها في جلب نفع أو دفع ضر.
علاج التشاؤم في الإسلام
فإذا علمت ذلك ـ وفقك الله ـ فإنْ وقع لك شيء من ذلك فعليك أن تتقي الله، وأن تتوكل عليه و تستعين به، ولا تلتفت إلى هذه الخواطر السيئة والأوهام الباطلة، وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى علاج التشاؤم، وذلك فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2 / 220) وصححه الألباني في الصحيحة (1065) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: من ردّته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، قالوا: وما كفارة ذلك؟ قال: أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
فلا ينبغي للمؤمن أن يكون متشائماً، بل عليه أن يكون دائماً متفائلاً حَسَنَ الظن بربه فإذا سمع شيئاً، أو رأى أمراً؛ ترقب منه الخير؛ وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، فيكون مؤملاً للخير من ربه في جميع أحواله، وهذه حال المؤمن، فإن أمره كله له خير كما قال صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له. صحيح مسلم (2999)، وبهذا يكون المؤمن دائما في حال من الرضى والطمأنينة والتوكل على الله، وبُعْدٍ عن الهموم والأحزان التي يوسوس له بها الشيطان الذي يحب أن يُحزِن الذين آمنوا، وهو لا يقدر على أن يضرهم بشيء، نسأل الله لنا ولك السلامة من كل مكروه والله تعالى أعلم. للاستزادة (فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2 / 210 ).
والله أعلم.
تعليق