الحمد لله.
أولًا:
ذكر الله سبحانه (المرقوم)، في سورة (المطففين)، قال سبحانه: كِتَابٌ مَرْقُومٌ [المطففين: 9]، [المطففين: 20].
وقد اتفق أهل التفسير أن "المرقوم" هو "المكتوب".
قال "الطبري": "وعني بالمرقوم: المكتوب"، انتهى.
"تفسير الطبري" (24/ 197).
وقال "الثعلبي": "مكتوب مُثْبت عليهم، كالرقم في الثوب، لا يُنسى ولا يُمحى حتى يُجازوا به"، انتهى.
"تفسير الثعلبي" (29/ 56).
قال "ابن كثير": "وقوله: كتاب مرقوم ليس تفسيرًا لقوله: وما أدراك ما سجين، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي: مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد؛ قاله محمد بن كعب القرظي"، انتهى.
"تفسير ابن كثير" (8/ 350).
وقال "الواحدي": "وأما معنى المرقوم في اللغة: (فقال الليث: كِتَابٌ مَرْقُومٌ قد بُينت حروفه بعلاماتها من التنقيط، والتاجر يَرْقُم ثَوبَه بِسَمته.
وقال أبو العباس: كِتَابٌ مَرْقُومٌ أي مكتوب، وأنشد:
سأُرقُمُ في المَاءِ القُرَاحِ إليكُمُ … على بُعدِكُم إن كان في الماء راقم
أي سَأكتب"، انتهى.
"التفسير البسيط" (23/ 321).
وأما أصل اللفظ في اللغة، فقد قال الشيخ "محمد جبل":
"(الرَقْمة -بالفتح: الرَوْضَة، ورَقْمَة الوادي: مجتمع مائه فيه، والمرقومة: أرض فيها نَبْذٌ من النبت).
المعنى المحوري تميز بقعة محدودة السعة على ظاهر واسع: كالروضة بين ما حولها، وكما يؤخذ من تعريف الأرض المرقومة بأن فيها نَبْذًا من نبت. أي بقعًا متفرقة، وكبقعة تجمع الماء في الوادي. ومنه: "رَقَم الثوب (نصر): خطّطه، والتاجرُ يرقم ثوبه بسِمَتِه، ورَقَم الكتابَ: أعجمه وبيّن حروفه بعلاماتها من التنقيط. والمرقوم من الدواب: الذي في قوائمه خطوطُ كَيّاتٍ كل منها رَقْمة -بالفتح. والمِرْقَم: القلم. (تُرسم به الرقوم والخطوط) والرَقْم: ضَرْبٌ مخطَّطٌ من الخَزّ (فَعْل بمعنى مفعول). وفي وصف السماء: سَقْفٌ رَقِيم (رُقُومُها النجوم). والأَرْقم من الحيات الأَرْقَش".
ومنه: "الرَقْم: الكتابةُ والخَتْم"؛ لأنها رسوم على سَطْح لَوْح، أو نحوه، بمداد مخالف للونه. أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ هو لوح، أو كتاب. والمذكوران أقرب إلى الأصل. ودعوى التعريب غريبة لا أساس لها.
كِتَابٌ مَرْقُومٌ [المطففين: 9، 20] مكتوب، كالرقم في الثوب، لا يُنْسَى ولا يُمْحَى.
هذا "والخط": أصله أقرب إلى الحفر المستطيل، والنقش حفر أيضًا.
و"الرقم" كالطلاء بالحبر ونحوه، لكن ليس ما يمنع أن يُستعمل الرقم في الكتابة حينئذ حَفْرًا، لأن الكتابة تبدو بلونها وثباتها على سطح اللوح الأبيض، نقوشًا سوداء كالرقم"، انتهى.
"المعجم الاشتقاقي المؤصل" (2/ 841 - 842).
ثانيًا:
لا بد أن نعلم أن فهم كتاب الله تعالى ينبغي أن يؤخذ من المصادر الموثوقة، ونحن لا نعلم كيفية هذا الكتاب، ومثل هذا لا يجوز أن يُتكلم فيه بغير علم.
وقد ورد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: "الرقيم كتاب، ولذلك الكتاب خبر، فلم يخبر الله عن ذلك الكتاب وعمّا فيه. وقرأ: وما أدراك ما عليون* كتاب مرقوم* يشهده المقربون [المطففين: 19 - 21]، وما أدراك ما سجين* كتاب مرقوم [المطففين: 8 - 9]"، انتهى.
"موسوعة التفسير المأثور" (13/ 422).
وأما ما قاله هذا القائل المتجرئ على كتاب الله بغير علم، ولا برهان، من أنه "كتاب رقمي"، لمجرد "المشابهة" في الكلمة، للاصطلاح الحادث، فهو جرأة على كتاب الله، وقول على الله بغير علم ولا برهان. وقد قال الله تعالى: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم 273338
والله أعلم.
تعليق